الحديث عن التغيير الوزارى المحدود فى حكومة المهندس شريف إسماعيل قبل عرض برنامج الحكومة على البرلمان نهاية الشهر الجارى كما هو معلن ومتداول حتى الآن، بات وشيكًا، وكان المهندس شريف يفضل ألا يتم الإعلان أو الحديث عنه خلال الفترة الحالية حتى لا يرتبك أداء الحكومة، ويتجمد نشاط الوزراء، ويشعر البعض من أعضاء الحكومة بأنه من المغضوب عليهم أو من المرشحين للخروج من التشكيل الوزارى القادم، فيتوقف نشاطه ونشاط وزارته انتظارًا للتشكيل وتتعطل مصالح الناس.
لكن هناك ضرورة للتغيير فى عدد من الوجوه والحقائب الوزارية التى أثبتت فشلها، وعدم كفاءتها، وعدم امتلاكها رؤية واضحة للإصلاح سواء فى التعليم أو الصحة أو الاستثمار أو التنمية المحلية، ولم تكن قادرة على اتخاذ القرارات الشجاعة التى انتظرها الناس، وكان اختيارهم فى التشكيل الحالى تشوبه تساؤلات عديدة حول كيفية الاختيار ومعاييره، هل عبر معلومات دقيقة وصحيحة عن سيرتهم الذاتية والعلمية والعملية، أم عن طريق السمع والصداقات ووسائل الإعلام. التغيير ضرورة للبحث عن تكييف قانونى ودستورى للحكومة الجديدة عقب تشكيل البرلمان، فمن المفترض أن تقدم الحكومة استقالتها، ويعاد تكليفها مرة أخرى بعد موافقة البرلمان على برنامجها.
هذه المرة نريد تغييرًا حقيقيًا بعيدًا عن «المشتاقين» للسلطة، والذين يسعون إليها بجميع السبل والوسائل، وبالإلحاح والضغط الإعلامى، وبعيدًا عن «النصابين» الذين يرون أن الفترة السياسية الحالية غير المستقرة فرصة لتولى حقيبة وزارية بالترويج السياسى لأنفسهم، وبنشر الشائعات عن ترشيحهم للمنصب الوزارى، وبعض من هؤلاء يلصق باسمه لقب الدكتوراة لإضافة الهيبة العلمية الزائفة حول شخصه، وبالتردد الدائم على الفضائيات بما فيها التليفزيون المصرى، بحجة أن لديه رؤية وبرنامجًا للنهوض بقطاع معين، ويقدم نفسه على أنه الخبير العالمى الذى لم يجُد الزمان بمثله.
وللأسف الحكومات التى تلت 25 يناير اعتمدت فى خياراتها على وسائل الإعلام، وعلى أحاديث بعض الناس، فجاء إلى عدد من المناصب بعض من البهلوانات والتواقين إلى المنصب والسلطة لتوظيفه من أجل تحقيق مصالح، خاصة حتى لو ترك المنصب بعد ذلك.
هنا ننصح أو نحذر من هذه النوعية التى تستعد الآن للقفز على أى حقيبة وزارية محتملة، وفى الأيام القليلة الماضية ومع وجود احتمالات بالتغيير الوزارى المحدود تلقيت عدة اتصالات تريد أن يصل صوتها للرئيس ولرئيس الحكومة للتحذير من اختيار الوزراء الجدد من أسماء منتشرة فى الصحف، وفى الفضائيات، وتحمل درجة الدكتوراة زيفًا ونصبًا، وتقدم نفسها لتولى منصب، أحد هؤلاء- كما أخبرنى بعض المتصلين من باريس- متهرب من قضايا ضريبية عقوبتها السجن 15 عامًا فى فرنسا، ولا يحمل درجة الدكتوراة، ويقدم نفسه على أنه خبير زراعى.
الاختيار القادم لوزراء الحكومة المقبلة هو اختيار محسوب على رئيس الوزراء للسنوات المقبلة، والوزير القادم هو وزير مستمر وليس مؤقتًا، وعليه أن يقدم رؤية وبرنامجًا معلنًا لوزارته، ويمتلك الجرأة على اتخاذ القرار والمصارحة والمكاشفة، ولا ينتظر توجيهات الرئيس.. نريد نوعية وزراء مختلفة لا تعرف معنى التردد والأيدى المرتعشة، وقادرة على شرح وجهة نظرها، وقادرة على الإقناع حتى يكتب لها النجاح.. ابتعدوا قليلًا عن الفضائيات، وابحثوا عن العلماء الحقيقيين العاملين والمخلصين وليس المشتاقين وعشاق السلطة والأضواء، وكفى ما حدث فى الحكومات السابقة من اختيارات إعلامية، وترضية، ومحاباة لتيارات سياسية أو توجهات فكرية، فالمعيار هو القدرة على العمل وحسن الإدارة والكفاءة، وليس الشهرة والنجومية الزائفة المصطنعة.
وبغض النظر عن صحة المعلومات أو عدم دقتها، فالمطلوب من المهندس شريف إسماعيل أن يدقق فى المرشحين من خلال سيرة ذاتية سليمة وصحيحة، فلدينا الأجهزة الكفيلة بذلك، إضافة إلى الخبرة والكفاءة والمقومات الشخصية المؤهلة للقيادة والإدارة.