البداية كانت عندما نشر موقع "جنوبية" فى وقت متأخر مساء الاثنين أن "المئات من عناصر حزب الله الذين يقاتلون فى سوريا بدأوا منذ عصر الأحد، العودة إلى منازلهم بالضاحية الجنوبية بشكل مفاجئ وكثيف دون سابق إنذار".
وكتب الموقع: "عرفنا من مصادر متعددة، قريبة من حزب الله، أن الحزب سحب المئات من مقاتليه فى سوريا، وبدأوا العودة إلى منازلهم، وقراهم فى لبنان منذ نحو ثلاثة أيام.
وكشف أن هذا الانسحاب "يأتى تنفيذا لاتفاق روسى أمريكى، يقضى بدعم العملية السياسية جديا فى سوريا، ومن ضمن ذلك انسحاب حزب الله وتثبيت الهدنة، وجاء تتويج ذلك بإعلان الرئيس الروسى فلاديمير بوتين مساء أمس "بدء سحب أجزاء كبيرة من القوات الروسية فى سوريا".
ولفت موقع "جنوبية" إلى أن "الحزب سيسحب جزءا كبيرا من مقاتليه فى سوريا، لكن ليس جميعهم، مرجحا ألا يعلن الحزب عن ذلك بشكل رسمى".
وأورد الموقع أن "الانسحاب سيكون من مناطق مثل حلب، لكن الحزب لن ينسحب من دمشق والمناطق المحاذية للحدود اللبنانية مثل القلمون والزبدانى".
على الجانب الآخر، وصف رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات العميد الركن الدكتور هشام جابر، فى تصريحات لـ"سبوتنيك"، الثلاثاء، إقدام "حزب الله" اللبنانى على سحب عدد كبير من مقاتليه من سوريا، خلال الأيام الثلاثة الماضية، بأنه استجابة طيبة وبادرة حسن نية من الحزب، لتفضيل الحل السلمى والسياسى فى سوريا، مشيرا إلى أن روسيا تنبه الأسد بذلك لضرورة التسوية فوراً، وأن موسكو وواشنطن يمارسان ضغوطا على حلفائهما.
وأضاف الدكتور جابر أن "حزب الله" دائما ما كان يسحب أعدادا من مقاتليه فى سوريا ويعيدهم إلى لبنان، أحيانا لتقليل الأعداد وفى أحيان أخرى بهدف استبدالهم بآخرين، لمنحهم فرصة للراحة، ولكن الآن "حزب الله" يقدم دليلا على أنه يلتزم بالهدنة الجارية فى سوريا برعاية الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا.
وأكد أن هناك ارتباطا حقيقيا بين خطوة سحب "حزب الله" لمقاتليه من سوريا، وبدء روسيا عملية السحب الجزئى لقواتها، فكلا الطرفين يدعمان الدولة السورية، واستطاعا بالفعل تنفيذ الكثير من العمليات الناجحة، ولكنهما يلتزمان بشكل حقيقى الآن بالهدنة التى بدأت هناك.
وقال: "لا توجد إمكانية أن تتخلى روسيا عن النظام السورى الذى تدعمه منذ البداية، بدليل أن هناك سحبا جزئيا للقوات الروسية، ولكن هناك قواعد كاملة ستظل على حالها وستتواجد أيضا، والأمر نفسه ينطبق على "حزب الله"، فروسيا ستواصل عملياتها العسكرية ضد تنظيم "داعش" و"جبهة النصرة"، بهدف القضاء على التنظيمات الإرهابية فى الداخل السورى".
ونفى جابر أن يكون "حزب الله" قد سحب أعدادا كبيرة من مقاتليه فى سوريا، كنوع من الاستجابة للضغوط الدولية والعربية، التى بدأت باعتباره منظمة إرهابية من جانب مجلس التعاون الخليجى، وحتى تأييد مجلسى وزراء الداخلية والخارجية العرب وتبنيهما لنفس القرار، مؤكدا أن "حزب الله" لن يستجيب لمثل هذه الضغوط.
وقالت صحيفة "سبق" الكويتية، إن إعلان بوتين يكشف أمرين مهمين: الأمر الأول هو وجود اتفاق أمريكى - روسى صلب وقوى يقضى ببدء العملية السياسية لحل الازمة السورية، مع عدم السماح لأيى من الأطراف بإفشالها، والمؤشر على ذلك هو صمود الهدنة التى خالفت التوقعات بعد الإعلان أنها ستكون هدنة دائمة غير محكومة بسقف زمنى.
وأضاف: الأمر الثانى هو الالتزام الفورى من قِبل إيران و"حزب الله" بهذا الاتفاق الأمريكى - الروسى دون إعلان رسمى، لكن تجلى ذلك عملياً وبشكلٍ سريع، فالحزب بدأ بسحب مقاتليه قبل إعلان بوتين عن سحب القوات الروسية، وهذا يظهر أن إيران و"حزب الله" معنيان بهذا الاتفاق وملتزمان به.
وأضاف: كما يظهر ما قاله الرئيس الأسد للرئيس بوتين، خلال الاتصال الهاتفى الذى أجراه الأخير اليوم، وأبلغ الأسد فيه عن قراره بالانسحاب، وعن بداية العملية السياسية، مع الطمأنة أن روسيا لن تسحب جميع قواتها، وبالتالى طمأنة الرئيس السورى، الذى رد بالمقابل، حسب "روسيا اليوم"، أنه ملتزم بالمباشرة بتطبيق العملية السياسية، وهذا إن دل على شىء فإنما يدل على الإذعان السورى والإيرانى للاتفاق الأمريكى - الروسى دون شروط.
وتابع الموقع: إذا يبدو أن الاتفاق الروسى – الأمريكى الذى أعلن بداية تطبيقه، الليلة، سيكون سيد المرحلة المقبلة بلا منازع، فالعملية السياسية قادمة، والمرحلة الانتقالية قادمة رغم أنف النظام السورى وحلفائه، كما أن المخططات العسكرية التى كان من المقرر أن تنفذ بغطاء جوى روسى أصبحت ملغاة، فلا حسم ولا غالب ولا مغلوب على الساحة السورية، والمطلوب الآن انسحاب الجزء الأكبر من القوات الغريبة فى سوريا؛ لإفساح المجال لتقدُّم العملية السياسية السلمية.
وفى الشأن ذاته، ذكرت صحيفة "الحياة" اللندنية أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أمر بسحب "الجزء الأكبر" من قواته العاملة فى سوريا؛ معتبرا أن التدخل العسكرى الروسى حقق أهدافه إلى حد كبير.
وقال، خلال اجتماع ثلاثى فى الكرملين مع وزيرى الدفاع والخارجية، إن الانسحاب سيبدأ اعتبارا من اليوم، الثلاثاء؛ فيما أعلن الناطق باسم الكرملين ديمترى بيسكوف أن بوتين تحدث هاتفيا مع الرئيس السورى بشار الأسد لإبلاغه بالقرار الروسى.
وأضاف أن الأسد أبلغ بوتين أنه يأمل أن تقود عملية السلام الجارية فى "جنيف" إلى نتائج ملموسة، موضحا أن الأسد أكد فى الاتصال على الحاجة إلى وجود عملية سياسية فى سوريا؛ مشيرا إلى أن القاعدتين الروسيتين البحرية والجوية ستبقيان قيد العمل كالعادة بعد بدء سحب القوات.
وسارعت المعارضة السورية إلى الترحيب بالخطوة الروسية، قائلة إن الانسحاب الجاد سيضغط على السلطات السورية ويعطى مفاوضات السلام قوة دفع إيجابية.
وفى نفس الإطار، ذكرت الرئاسة السورية أن الأسد اتفق مع بوتين على خفض القوات الجوية الروسية فى سوريا، وأن روسيا تعهدت بمواصلة دعم سوريا فى مواجهة الإرهاب، فيما ذكرت وسائل الإعلام الروسية أن موسكو بدأت فى سحب سفن حربية، والتى غادرت القاعدة البحرية فى طرطوس أمس ناقلة قوات لم تعد ضرورية للعمليات المستقبلية.
ويذكر أن الاتفاق المبرم بين موسكو ودمشق، والذى أعلنه الروس من جانب واحد، نص على إرسال قوات جوية روسية إلى سوريا، وأن توفر السلطات السورية قاعدة "حميميم" فى محافظة اللاذقية لمجموعة الطيران الروسي، بكل بنيتها التحتية، وكذلك المواقع التى يتم الاتفاق فى شأنها بين الطرفين، كما نص الاتفاق على استفادة القوات الروسية من قاعدة حميميم دون مقابل، بالإضافة إلى أن تتكون مجموعة الطيران الروسى من معدات وجنود يحددها الجانب الروسى بناء على الاتفاق مع الطرف السورى.
موضوعات متعلقة..
حزب الله يسحب مقاتليه من سوريا بالتزامن مع الانسحاب الروسى