السيد عبدالوهاب يكتب: قرار البرلمان الأوروبى.. ريجينى كلمة السر

الخميس، 17 مارس 2016 10:00 ص
السيد عبدالوهاب يكتب: قرار البرلمان الأوروبى.. ريجينى كلمة السر الشاب الإيطالى جوليو ريجينى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أفرد قرار البرلمان الأوروبى الصادر فى 10 مارس الجارى على خلفية مقتل الشاب الإيطالى جوليو ريجينى مساحة كبيرة لانتقاد أوضاع حقوق الإنسان فى مصر، وكأن مقتل ريجينى بمثابة كلمة السر لإصدار هذا القرار الذى طغت عليه الانتقائية والتسييس المتعمد لقضية لا تزيد عن كونها جريمة جنائية، تسلل من خلالها بشكل مفرط لملفات انتهاكات الحقوق والحريات، فعلى الرغم مما جاء فى القرار من نصوص تحريضية ونوايا غير محمودة تتعلق بالعمل الحقوقى، إلا أنه لم يتهم السلطات المصرية بالتقصير أو التخاذل ولم ينف عنها النوايا الحسنة فى إعلان كل ما يخص جريمة القتل، واستعدادها التعاون والتنسيق الكامل مع الجانب الإيطالى لإنجاز التحقيقات بكل شفافية ونزاهة، وتقديم الجناة للعدالة فى أسرع وقت ممكن.

وأكد القرار فى أكثر من موضع على رصانة العلاقة بين مصر وأوروبا، وثمن على دور مصر فى تحقيق الاستقرار فى المنطقة كجارة وشريك إستراتيجى مهم، يجب أن تكون العلاقة معها مبنية على قاعدة "الأكثر مقابل الأكثر". كما أعرب عن القلق إزاء ما تواجهه مصر من تحديات أمنية وما تخوضه من حرب شرسة ضد الإرهاب والتنظيمات المتطرفة التى نشطت فى سيناء وبعض دول الجوار مديناً هجماتها ضد أفراد الجيش والمدنيين.

ووجه القرار انتقاداته للحكومة والبرلمان بشكل فج مقرراً لهما الالتزام بأمور من قبيل الشأن الداخلى، منها مراجعة قوانين الإرهاب والتظاهر، الغاء قرارات المنع من السفر لبعض الناشطين الحقوقيين، الإفراج الفورى وغير المشروط عن كافة المسجونين الصادر بحقهم أحكام فى قضايا التعبير عن الرأى، عدم الاقتراب من منظمات حقوقية معينة وذكرها بالاسم، الضغط من أجل إحداث إصلاحات بمؤسسة الشرطة والقضاء. استمر فى دس السم فى العسل وبمنطق حق يراد به باطل دعا إلى حوار مصالحة مع كافة القوى غير العنيفة والإسلاميين السلميين، وهذا تلميح إلى إدماج جماعة الإخوان فى العملية السياسية من جديد. القرار بكل سذاجة يعيدنا لفترة ما قبل القرن التاسع عشر فلم يكتف بما سبق بل أوصى بإيفاد مندوب سامى يراقب ويُعد تقارير بنتائج المحادثات المتبادلة بين الدولة من ناحية والمنظمات الحقوقية والمعارضة من ناحية أخرى.

الحقيقة هنا تقول أنه ليس من الحكمة إغفال ما جاء فى القرار سلبياته وإيجابياته وأن على الدولة ألا تنساق وراء مشاعر الانفعال والمواقف غير المدروسة، وإذا كانت الخارجية المصرية على لسان متحدثها الرسمى وهيئة مكتب مجلس النواب قد أصدرا فى بيانين منفصلين أكدا فيه رفض التدخل فى الشأن المصرى، وأن الوضع الراهن يقتضى عدم الانجراف وراء تقارير حقوقية غير منصفة وغير موثقة عن حقيقة الأوضاع فى مصر. ولكن كل هذا غير كاف إذا لم يقترن بالعمل على موضوع ريجينى بشكل جدى لبناء الثقة بيننا وبين الأوروبيين، ولا عيب إذا قمنا بدراسة أوجه النقد ومراجعتها ذاتياً دون وصاية من أحد، والتصدى بالقانون لكل من يُروج إدعاءات ومغالطات كاذبة وهو منعزل عن الأخطار التى نعيشها.

كما لا يجب الارتكان إلى قاعدة عدم إلزامية قرارات البرلمان الأوروبى، فمثل هذه القرارات عادة ما تخفى ورائها توجهاً يؤثر بقدر ما على قرارات الحكومات، فتعطل إن لم تكن تمنع ما تنتظره مصر من منح ومساعدات اقتصادية وفنية جرى الاتفاق عليها، وربما تنفر الاستثمار وتقلل أوجه التعاون فى مجالات أخرى.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة