ربما تُعد انتخابات الرئاسة الأمريكية هى أشهر انتخابات فى العالم يتابعها الملايين خارج أمريكا وليس أهل أمريكا فحسب، ذلك أنها الانتخابات التى سيسفر عنها تتويج أحد أهم حكام العالم إن لم يكن أهم حاكم فى العالم على الأقل حتى الآن، باعتبار أن أمريكا هى سيدة العالم.
ورغم أن الانتخابات الأمريكية للرئاسة ما هى إلا شو إعلامى ومهرجان شبه ديمقراطى سياسى، ذلك لأنه فقط يدور بين حزبين يتيمين وهما الحزب الديمقراطى والحزب الجمهورى، إلا أن المحللين السياسيين وحتى الناس العادية غير المتخصصة حول العالم يتابعون هذه الانتخابات وهم يدركون عدم وجود فروق كبيرة بين الجمهورى والديمقراطى إلا فى الشو الإعلامى، وأن السياسة الأمريكية ثابتة وواضحة بغض النظر عن ساكن البيت الأبيض من أى حزب ديمقراطى أو جمهورى، ذلك أن حدود تغير أو اختلاف هذه السياسة من رئيس لآخر لا تتعدى من عشرة لخمس عشرة فى المائة بالكثير حسب شخصية الرئيس وفكره، أما البقية فهى فى يد مؤسسات أخرى لا تسمح له بأكثر من ذلك، ورغم هذه الحقيقة الثابتة التى يعرفها القاصى والدانى إلا أن المصريين وحدهم وربما يشاركهم العرب الذين تغيب عنهم هذه الحقيقة ويتصورون أن ساكن البيت الأبيض بيده كل مقاليد الحكم، وبالتالى يأملون فى فلان ويتمنون ألا تخط قدم فلان عتبة المكتب البيضاوى.
ولنا فى أوباما مثل واضح، فنحن وحدنا الذين سعدنا بفوز حسين أوباما الأسود اللون ذو الأصول المسلمة متصورين أن وجوده سيجعل من اللون الأسمر السيد على العباد، وسينصر الإسلام كما لم ينصره حاكم سابق، فإذا بالواقع الذى عشناه يصفعنا بأن أسوأ حوادث العنصرية ضد السود فى أمريكا تعود وبقوة، وأن الإسلام والمسلمين لم يجدوا فيه سندا ولا ناصرا، بل زادت الكراهية لهم وتقطعت أوصال بلادهم على يده أكثر من أى زمن حديث مضى.
لذا لا تتابعوا الانتخابات الأمريكية بجدية أو بخوف أو أمل فقط تابعوها كما تتابعون أفلام هوليوود بكل أنواعها، ما بين أكشن ودراما وكوميديا ورعب وفضائح تصل إلى حد العرى غير المبرر دراميا. تابعوا كيف يصنعون أبطال واشنطن تماما كما تتم صناعة أبطال هوليوود، تابعوهم وهم يصرخون أمام الكاميرات أو يضحكون أو وهم يسخرون من بعضهم البعض فى إعلانات تصل لحد السب والقذف، لكن لا أحد يذهب بسبه للمحاكم، ببساطة لأن المزاج الأمريكى صار مزاجا يهوى تلك النوعية من الأبطال.
الثلاثاء السعيد من الأسبوع الماضى هو اليوم الذى بدا فيه أن السباق النهائى للبيت الأبيض ربما سيرجح كفة هيلارى كلينتون مرشحة الحزب الديمقراطى ودونالد ترامب مرشح الحزب الجمهورى، ومجرد وصول ترامب للسباق الأخير يؤكد ما ذَهبتُ إليه من تحليل للمزاج الأمريكى، فترامب الملياردير الذى يمتلك ثروة عقارية رجل يملك كثيرا من صفات اثنين من مشاهير مصر للأسف، أحدهما يشتهر بفضح الناس بالباطل وهو سليط اللسان وهو يلوح بسى دى فى يده، وهناك تماثل عجيب بينهما، فكما يتحدث رجل السيديهات المصرى فى كل شىء بغير علم وهو يردد أنه رجل بتاع ربنا، أيضا يفعل ترامب نفس الشىء.
وترامب لا يكتفى بأن يكون رجل سيديهات أمريكا ولكنه أيضًا يجتمع فى الشبه مع رجل مصرى شهير بضرورة المعرفة بتزغيط البط وأشياء أخرى.
لم يتصور كثير من أعتى المحللين السياسيين أن يصل ترامب للسباق النهائى للرئاسة ولكنه يكاد أن يصل، ذلك لأنهم ربما لم ينظروا لـ«كيم كاردشيان» تلك الاسم الأهم فى مجال تليفزيون الواقع والفضائح، فرغم أنها بلا موهبة أو لديها القليل، إلا أنها صارت من أهم نجوم أمريكا والعالم فقط، بفضائحها وتصرفاتها الغريبة المثيرة، وهى المعادل الموضوعى الأمريكى لسما المصرى.
نحن فى زمن القبح والقباحة، وأمريكا سيدة العالم تتصدر المشهد، فترفع ترامب وكيم كاردشيان وجهين لعملة واحدة على القمة.
ولكن لا تظن أنهما باقيان، فسيسقطان كما سقط بعض من ترامب وكاردشيان المصريين وفى الطريق بقيتهما.