حتى وقت قريب كان اسم الكاتب الكبير حلمى النمنم وزير الثقافة غير مطروح على قوائم الوزراء المحتمل استبعادهم من التشكيل الوزارى، لكن بين ليلة وضحاها طرح اسم النمنم على استحياء كواحد من الوزراء الذين يجرى التفكير فى تجهيز بديل لهم، وهو الأمر الذى أصاب المتابعين للحالة الثقافية بالدهشة، فهل هذا حقيقى فعلا؟
هنا لابد أن نذكر أنه يحسب لحلمى النمنم أنه خلال الفترة القليلة الماضية التى تولى فيها أمور وزارة الثقافة فإنه حافظ على استقرار الوزارة دون أن تدخل فى اضطراب حقيقى على المستوى «النظرى» أو المستوى الفعلى، أمر يحسب له خاصة بعد أن دخلت الوزارة فى عهود سابقيه إلى ما يشبه النفق المظلم، وبدأت موجات الأخونة تتسرب إلى وزارة الثقافة، حتى كاد رجال علاء عبدالعزيز وزير الثقافة الإخوانى يتسربون مرة أخرى إلى رأس الوزارة، بل شهدنا تعيين أحد رجال الإخوان الفعليين يتولى منصبا قياديا فى الوزارة، وهو ما تجسد فى تعيين الدكتور سيد على إسماعيل رئيسا للمركز القومى للمسرح، وترشيح الدكتور جمال التلاوى لمنصب رئيس هيئة الكتاب، وهو ذات المنصب الذى تولاه «التلاوى» فى وزارة علاء عبدالعزيز.
ولأنه من المستحيل أن يعمل أى وزير بمفرده فكان لازما أن يقوم «النمنم» بتصحيح بعض الأوضاع، ولذلك أنفق الكثير من الوقت فى ترتيب البيت الثقافى من الداخل، فأجرى تغييرات كثيرة بين صفوف القيادات، شملت كلا من المركز القومى للمسرح، وهيئة الكتاب، ودار الكتب، والتنسيق الحضارى، وصندوق التنمية الثقافية، والهيئة العامة لقصور الثقافة، والمجلس الأعلى للثقافة، بالإضافة إلى العديد من مناصب القيادات الوسيطة فى كل وزارة بعد أن امتد تجريف الوزارة إلى مرحلة ما بعد القيادات، وبرغم تعدد هذه التغيرات وتنوعها فإن حلمى النمنم استطاع أن يقوم بها دون جلبة أو تأجيج للاحتقانات ليعبر من مرحلة ترتيب البيت إلى مرحلة الإنتاج، فهل بعد هذا يشمله التغيير؟ لا أعتقد.
ولعل أكثر التحديات التى واجهها النمنم هو أنه منذ أن تولى الوزارة بدأت الأحكام القضائية تتوالى على المثقفين، وهو الأمر الذى لا يرضاه أى مثقف، والنمنم بالطبع واحد منهم، وقد أثبت النمنم من خلال مواقفه المتعددة كيف يمكن لرجل الدولة أن يكون مثقفا ومستنيرا ورجل دولة فى الوقت ذاته، وقد قلت فى مقال سابق أنه بتضامنه الواضح مع قضايا الحرية يثبت أن المعركة ليست بين المثقفين وأجهزة الدولة، ولكنها بين الدولة والرجعية، وأن كلا من المثقفين والدولة يواجهون الآن أرثا من الرجعية يتسبب فى هذه الأزمات، ولا يخرج عن هذا الإجماع المدنى تجاه قضايا الحرية سوى فصيل واحد فى الدولة الآن هو فصيل حزب النور، الذى يناصب النمنم العداء منذ اليوم الأول لتوليه، فهل حقا ينجح «النور» فى ضغوطه من أجل إقصاء النمنم؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة