حتى لا يتحول دعم الشباب إلى مشكلة
لم تكن المرة الأولى التى يتم فيها الإعلان عن 200 مليار جنيه للشباب للمشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهبية الصغر، وهى خطوة مهمة لو تمت ترجمتها إلى واقع عملى وليس عشوائيا، يمكن أن تتحول إلى مليون فرصة وليس مليون مشكلة إضافية، على الحكومة والمحافظين أن يضعوا خارطة كاملة بما هو متوفر من فرص استثمارية بكل محافظة، وعدالة توزيع الأموال على المحافظات، وأن يتم التوزيع بتكافؤ فرص حقيقى للجادين والمستعدين والأكفاء بعيدًا عن المحسوبية، مع توفير أراضٍ ومناطق صناعية حتى لا يكون الأمر عشوائيا.
ولا يتصور توزيع الأموال وترك الشباب يصارع البقاء ويواجه الارتباك، ولا مانع من توفير دراسات جدوى من خلال جهات ومتخصصين بناء على إمكانات الاستثمار، مع التفكير فى توزيع العمل بما يتيح مشروعات متكاملة، وهى تجربة كانت عاملا فى نهوض الصين ودول النمور الآسيوية، كان جهاز الكمبيوتر الواحد ينتج فى عشرات الورش الصغيرة التى تتواصل مع بعضها وتنتقل إلى التجميع ثم التسويق.
لدينا مشكلة عدم القدرة على العمل بفريق، وهو أمر يتطلب التفكير فى التدريب، حتى لو كان من خلال بعثات وتبادل معرفة وخبرات، للتوصل إلى مشروعات متكاملة تعالج المشكلة، وألا يكون هناك تدخل مباشر من الحكومة يفتح باب الابتزاز، وفى نفس الوقت توفير مكاتب خبرة تقدم المشورة بسرعة وكفاءة، ولا مانع من تقديم دعم لمشروعات ناجحة تحتاج إلى التوسع، أو تحويل ورش يدوية للأحذية إلى ورش أو مصانع صغيرة، أو دعم تعبئة وتوزيع المنتجات الزراعية والمناحل ومزارع الإنتاج البسيطة منزليا مع توفير الدعم والمشورة.. وهى خطوة يمكن أن توفر فرص عمل وتقدم، حتى لا يبقى الأمر مجرد إعلان عن مشروعات أو إنفاق أموال مثلما جرى فى صناديق أو جهات تمويل سابقة أهدرت الأموال لمستشارين وأقارب وفساد.
الأمر بحاجة فعلا إلى خطوات يمكنها أن تحول الـ200 مليار إلى قاعدة للاستثمار، ولا مانع من الاستعانة بالمتخصصين لوضع تصورات لدراسات جدوى يمكن أن تفيد الشباب الذى لديه الاستعداد فى أن يبدأ المشروع الخاص به، والتنسيق فى الإنتاج والتسويق بالشكل الذى يضمن عدم وقوع الشباب فى فخ الفوضى والمنافسة غير العادلة.
ومادمنا نتحدث عن استراتيجية 2030 فيجب أن نأخذ الخطوة بجدية، ونضمن لها العدالة، وهذه الخطوة تمثل الاختبار الأمثل للقدرة على التخطيط والتنسيق والتعاون التى مثلت شكلا أمثل للعمل الجماعى، بدلا من أن يظل كل شاب منعزلا، وأن يكونوا قادرين على ممارسة عمل جماعى واضح.. لو نجحنا فى هذه الخطوة نكون على أول الطريق لتخريج جيل جديد قادر على النهوض بالبلد، وألا يتحول إلى مشكلة.