وائل السمرى

الإدارة بالهستيريا

الأحد، 20 مارس 2016 05:45 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعرف تمام المعرفة أن مصر "محروسة"، وأنها مهما طال الأمد أو بعد فإنها ستنهض من كبواتها، وستعبر من عثراتها، وتتخطى معوقاتها، لكنى فى ذات الوقت أضع قول نزار قبانى دائما نصب عينى، حيث يقول: "لا تلعنوا السماءْ إذا تخلّت عنكمُ.. لا تلعنوا الظروفْ.. فالله يؤتى النصرَ من يشاءْ.. وليس حدّاداً لديكم.. يصنعُ السيوف"، إذن يحرضنا الشاعر العربى الكبير على عدم الاكتفاء بالندب والنحيب، وتجاوز هذا الأمر إلى الفعل الحقيقى الذى يخرجنا من الأزمة، وأن نأخذ بالأسباب لكى نعبر من مآزقنا حتى لا تصبح المآزق فخاخا ونتحول نحن إلى ضحايا.

الآن يهاجمنا المجتمع الغربى بكل ضراوة، وفى الحقيقة، فإن جزءا كبيرا من هذا الهجوم نتحمل نحن مسؤوليته، فللأسف مصر تدير أغلب ملفاتها بالغموض، وقد سبق وقلت مرارا أن قضية مقتل الباحث الإيطالى جوليو ريجينى تعالج بطريقة فاشلة، إذ تخاطب الحكومة المصرية "العالم" كما تخاطبنا نحن، فتكتفى بالإنكار والشجب والتنديد دون أن تقدم أدلة أو سيناريوهات أو تصورات، كما تتعامل الحكومة أيضا مع ملفات حقوق الإنسان بأفشل طريقة ممكنة، فتكتفى أيضا بإنكار أى حالة انتهاك دون أن توضح الأسباب أو تفند الأرقام أو تعلن عن خطة عاجلة لمكافحة تنظيم "الأخطاء الفردية"، الذى يكاد يهدم وزارة الداخلية ومصر معها.

الآن يهاجمنا المجتمع الغربى، وللأسف نحن نرد على هذا الهجوم بطريقة المصابين بالهستيريا، وليس بطريقة الدبلوماسيين ولا السياسيين، فوزير خارجيتنا قال أمس، ردا على تصريحات جون كيرى وزير خارجية أمريكا، التى دعا فيها مصر إلى عدم "التضييق على منظمات حقوق الإنسان": إننا لا نقبل وصاية أجنبية من أحد، وفى الحقيقة، فإن هذا التصريح هو التصريح "المثالى" الذى ربما يصلح للرد على مثل هذه الاتهامات فى أى وقت، ولكن ليس فى هذا الوقت الذى يتشابه مع ما مرت به مصر بعد 30 يونيو مباشرة، فوقتها كانت معظم الدول العربية بكامل حمولتها العالمية معنا، وكان الملك عبدالله رحمه الله ما زال حيا يرزق، يعمل ويتصل ويدعم بكل ما أوتى من قوة، وكانت السخط الشعبى الداخلى شبه منعدم، وكانت شعبية "الفريق عبدالفتاح السيسى" فى قمتها، وكانت الحالة الاقتصادية أقل قسوة مما هى عليه الآن، سواء على المستوى الداخلى أو المستوى العربى والإقليمى، بل والأهم من كل هذا هو أن المصريين كانوا على قلب رجل واحد، يتبنون قضية عادلة، ويدافعون عنها بكل ما أوتوا من قوة، أما الآن فمن ذا الذى يستطيع أن ينكر وجود انتهاكات حقيقية فى ملف حقوق الإنسان بعد أن امتد القتل إلى الشوارع العمومية. فى أحد لقاءاته المهمة، قال الرئيس عبدالفتاح السيسى: "قديما حينما كنا صغارا كنا نرد على من يجور علينا بالقول، لما أكبر هضربك"، فى هذا التصريح "البسيط" فهم حقيقى لأزمات مصر، التى تكبلنا إذا ما أردنا الرد على ما يثار ضدنا من هجوم، ولا أعرف لماذا تخلت الردود الرسمية عن هذا "التعقل"، ولماذا غاب عنا أن الأوطان لا تدار بالعنتريات.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة