طبعًا السياحة عندنا تواجه مشكلات، بعضها أمنى وكثيرها سياحى، يتعلق بالقطاع السياحى.. هناك مفارقة وأسئلة لا أحد يمتلك إجابة عنها.. دول كثيرة تعرضت وما تزال تتعرض لهجمات إرهابية أكثر مما تتعرض له مصر، ومع ذلك تستمر السياحة فيها نشطة، ولا أحد يدعو لوقف تدفق السياح إلى هذه البلاد، وتركيا خير مثال، وعلى الرغم من تكرار وقوع العمليات الإرهابية، ظلت التدفقات السياحية مستمرة، ولم تصدر أى بيانات من أوروبا أو غيرها تدعو مواطنيها لعدم الذهاب إلى تركيا.
الأمر فيه لغز يحتاج لأجوبة من قبل الجهات المعنية، بالطبع يمكن تفسير هذا فى جزء منه بوجود تربص واضح بمصر، أو تعمد المبالغة فى كل حدث يقع عندنا، وتجاهل ما يقع فى غيرها، لكن بجانب هذه التصرفات الغامضة، فإن الجهات المعنية بالسياحة لا تهتم كثيرًا بممارسة دورها ووظيفتها، ودور وزارات السياحة هو الترويج للآثار والمنتجعات والمزارات، ومصر كما هو معلوم وواضح تضم من الآثار الفرعونية والإسلامية والقبطية ما يكفى قارات، بل إن الأجنحة المصرية فى المتاحف الكبرى بأوروبا هى الأكبر دائمًا فى الكم والكيف، وحتى فى فترات الرواج السياحى لا تبدو عملية التسويق ناجحة تمامًا.
الأمر الآخر هو دور وزارة السياحة والقطاع السياحى الخاص، فهو مواجهة تداعيات ما يجرى، ونحن نتابع حملات بسيطة جدًا توظف أدوات التواصل، وتروج لدول بعيدة وليست فيها معالم بارزة أو أثرية.
الحقيقة أن هذا الأمر- وكوننا فاشلين فى تسويق أنفسنا سياحيًا- ليس وليد اليوم، لكنه اليوم يبدو أكثر ظهورًا، ونراه متجسدًا فى الخلافات العلنية بين رجال أعمال السياحة والوزير، والانتقادات التى وجهت للوزير عندما ذهب إلى معرض برلين ليتحدث عن المنشآت السياحية والفنادق المغلقة، وهو ما رآه البعض نوعًا من الاستجداء فى معرض معنىّ بالتسويق والترويج، وأن نقدم أفضل ما عندنا.
المفارقة أن بعض مستثمرى السياحة ممن انتقدوا أداء الوزارة لم يحملوا أنفسهم أى مسؤولية عن تراجع السياحة وفشل التسويق، واكتفى بعض كبار رجال أعمال السياحة بلطم الخدود وشق الجيوب على السياحة وأحوالها دون أن يقدموا «أمارة» واحدة على أنهم خدموا السياحة.. هؤلاء يكتفون خلال فترات الرواج بجمع الأرباح من دون التفكير فى تخصيص جزء من أرباحهم لتأمين العاملين، أو لتأمين أنفسهم وأعمالهم، ثم أنهم فى فترات الرواج لا يخصصون من أرباحهم جزءًا للتسويق المستمر.
هذه ليست المرة الأولى التى تتعرض فيها السياحة لأزمة، لكونها نشاطًا هشًا يتأثر بأى هزات، ولا يفترض التوقف عند فكرة المؤامرة وحدها، وتركيز بعض المنتجين فى السياحة على لعب دور الضحية، وعليهم أن يعترفوا بأن الأمر مثل كل شىء بحاجة إلى عمل جماعى مفتقد.