ليس هناك قرار أمريكى يأتى بالصدفة حتى لو صدر عن مجلس أوصياء الجامعة الأمريكية بالقاهرة!
فكل قرار أمريكى له معنى وله مناسبة وله أيضا هدف سياسى وبالتنسيق مع مخطط السياسة الخارجية.. وليس صدفة أن تعلن الجامعة الأمريكية فى الأسبوع الأول من شهر مارس الجارى اختيار فرانسيس ريتشاردونى، رئيسًا قادمًا للجامعة، فى الوقت الذى تعيد فيه السلطة القضائية فى مصر إعادة فتح قضية التمويل الأجنبى لعدد من منظمات ومراكز المجتمع المدنى المصرية فى القضية، التى ربما تتسع لتشمل مدى قانونية إنشاء بعض هذه المنظمات دون الحصول على ترخيص والتحقيق فى شبهات تهرب ضريبى.
تعيين ريتشاردونى تبعه بيان وزير الخارجية الأمريكية جون كيرى يعرب فيه عن قلقه تجاه الأحداث الأخيرة بمصر والمتعلقة بمنظمات المجتمع المدنى بعد فتح التحقيق بشأن التمويل أجنبى، وحث الحكومة المصرية على العمل مع الجماعات المدنية لتخفيف القيود عن حرية إنشاء الجمعيات والسماح لمنظمات حقوق الإنسان غير الحكومية بالعمل بحرية.
لكن من هو فرانسيس ريتشاردونى الرئيس الجديد المقبل لرئاسة الجامعة الأمريكية فى توقيت مريب ريتشارد دونى هو ضابط مخابرات أمريكى كان يشغل منصب رئيس وحدة مكافحة الإرهاب فى سى أى إيه بعد أحداث 11 سيبتمبر، وكان له دور فى إسقاط نظام صدام حسين بالعراق وإغراق البلاد فى الفوضى العارمة بالتعاون مع وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبريت.
ريتشارد دونى لم يحصل على أى شهادات أو دراسات عليا تؤهله لرئاسة الجامعة الأمريكية ، ولكن له نشاط أهم وهو «منظمات المجتمع المدنى» واستغله فى مصر عن طريق برنامج منظمة «الأمم المتحدة للتنمية» خلال الفترة التى كان فيها دونى سفيرا للولايات المتحدة بالقاهرة فى الفترة من 2005 إلى 2008، وهى الفترة التى كانت من أنشط الفترات لهذه المنظمات بالأمن القومى المصرى، والتى شهدت أوج نشاط الحقوقين ومنظمات المجتمع المدنى.
خلال هذه الفترة عقد ريتشارد دونى مؤتمرا فى 2007 بعنوان «الإعلان المصرى لحقوق المواطنة» ووجه الدعوة لأقباط المهجر والبهائيين وأقباط مصر والقرآنيين ولكل معارضى النظام آنذاك لحضور المؤتمر المشبوه.فى تلك الفترة رصدت الحكومة والمخابرات الأمريكية حوالى 830 مليون دولار سنويا لدعم مثل هذه المنظمات وفروعها فى مصر والشرق الأوسط لتأهيل المعارضين والتدريب على إسقاط الأنظمة.
لريتشارد دونى خبرة دبلوماسية فى تركيا، العراق، إيران والأردن. عمل فى بعثتين عسكريتين متعددتى الجنسيات، كرئيس لوحدة المراقبة المدنية ضمن القوات متعددة الجنسيات فى سيناء، وكمستشار سياسى لجنرالات القيادة الأمريكية والتركية فى عملية توفير الراحة، ومقرها فى تركيا وتعمل فى العراق. وفى واشنطن، كان ريتشارد دونى مدير لإدارة قوة مهمات 11 سبتمبر ضد الإرهاب. وبالمناسبة ريتشارد دونى يتحدث الإيطالية والتركية والعربية والفرنسية.
وجود دونى فى القاهرة فى تلك الفترة ليس صدفة مع عودة سعد الدين إبراهيم للمطالبة بالمصالحة مع جماعة الإخوان الإرهابية وعودة بعض الوجوه التى ارتبطت بمنظمات أمريكية وعليها عشرات من علامات الاستفهام، وللأسف قد يذهب خيال التحليل السياسى أيضا إلى ربط كل ما سبق مع دعوة البحث عن البديل المدنى التى أظن أن نوايا صاحبها طيبة وبدوافع وطنية مخلصة لكن توقيت الدعوة هو ما يثير التساؤلات والشكوك فى إطلاقها. لكن كما يدرس طلاب العلوم السياسية ليس هناك صدفة فى السياسة. ودونى له علاقاته القوية مع من يسمون «بالنشطاء» والأشخاص التى تتمنى محاولة تفجير المجتمع من الداخل مرة أخرى. وبنفس الأدوات القديمة. راقبوا ريتشارد دونى جيدا وماذا سيفعل؟ وهل جاء من أجل كرسى رئاسة الجامعة الأمريكية فقط أم لشىء آخر؟