«الفيدرالية» اختبار للجميع.. وتركيا خاسرة
تمثل التحليلات السياسية فى الشأن الإقليمى للكاتب والباحث الدكتور مصطفى اللباد أهمية كبيرة، خاصة فيما يتعلق بالشأن التركى والإيرانى، وكثيرا ما قدم تنبؤات حول أزمات إقليمية ودولية طرفها الدولتين، وأصاب فيها، ومساء السبت الماضى كان ضيف الإعلامية المميزة ليليان دودا فى برنامجها «الصورة الكاملة» على قناة «أونت تى فى»، ودار الحوار حول ما وصلت إليه الأزمة السورية والسيناريوهات المطروحة بخصوصها ودور أمريكا وروسيا كلاعبين رئيسيين، وتركيا وإيران كلاعبين إقليميين.
وفى الأزمة وكما هو مطروح حاليا، يتصدر سيناريو«الفيدرالية» كنظام مستقبلى لسوريا، ومما يزيد من الجدل حوله، أن روسيا هى صاحبة طرحه حتى لو لم يكن بشكل غير رسمى، بالإضافة إلى الخطوة التى اتخذها الأكراد بإنشاء إقليم خاص بهم بغرب كردستان سوريا، وبالرغم من عدم تحديد جغرافية الإقليم بشأن نهائى حتى الآن إلا أن الخطوة تبدو وكأنها محل اختبار للجميع، ومن هذه الزاوية جاءت أطروحات اللباد التى تستحق التوقف عندها.
ينبه اللباد إلى أن التعاطى مع قضية الفيدرالية على الصعيد الدولى أى التفاعل الأمريكى الروسى بشأنها، يختلف عن الصعيد الإقليمى بلاعبيها الأساسيين تركيا وإيران، ويكمن الاختلاف فى أنه ليس هناك مشكلة على صعيد الطرح الدولي، فى حين أن المشكلة تبقى على الصعيد الإقليمى، فروسيا وأمريكا قد يكون هناك توافقا بينهما على الفيدرالية أما تركيا وإيران فيرفضان تماما، والسبب خاص بطبيعة وجود الأكراد جغرافيا فى المنطقة حيث تواجدهم فى كردستان التاريخية الموزعة بين إيران وتركيا وسوريا والعراق، وخطوتهم الجديدة فى سوريا والمتجهة إلى الاستقلال الذاتى ستكون تشجيعا لأكراد تركيا وأكراد إيران، أى أن الدولتين ستكون محل قلاقل متوقعة.
عند هذا الحد فإن تركيا تكون طرفا خاسرا مما حدث، من ناحية أنها هى تحت قيادة أردوغان أكثر الأطراف التى أشعلت الأزمة فى سوريا بهدف إسقاط بشار الأسد ونظامه، وتشكيل نظام جديد تحت قيادة الإخوان المسلمين، وأدخلت الإرهابيين والسلاح كى تصل إلى هدفها، لكن العجلة تدور الآن بالشكل الذى نراه، فلم يسقط بشار ونظامه، وأصبح الباب مفتوحا أمام تصورات أخرى من ضمنها الفيدرالية التى لم تكن أبدا فى تصورات أردوغان الذى حلم بسوريا موحدة، ولكنها تحت هيمنته، حلم بها وفقا لتصوراته هو معتمدا على ظرف إقليمى ظن أنه مستمر بقيادة جماعة الإخوان فى مصر وتونس .
وبهذا المعنى فإن كل الطرق تقول أن تركيا أردوغان هى أكبر الأطراف الإقليمية الخاسرة مما يحدث فى سوريا، والخسارة تأتى من نتائج إدارة الأزمات قياسا على أهداف أطرافها، وأهداف أردوغان تبدو أنها تتبخر بما يعنى هزيمته.
اللافت فى طرح اللباد هو احتمالات تحالف من نوع ما بين تركيا أردوغان وسوريا بشار على خلفية رفض الطرفين لخطوة الأكراد ومعها الفيدرالية .
لم يقطع اللباد بحدوث هذا التقارب، لكنه تعبيره كل شى وارد يفتح الباب، ولأنه فى عالم السياسة والصراعات الدولية لا توجد خصومات أو صداقات دائمة فقد نجد بالفعل تقارب تركى سورى من هذا النوع، أو على الأقل تنسيق بدرجة ما عبر أطراف إقليمية أخرى، وفى هذا السياق تدخل الزيارات المتبادلة بين تركيا وإيران كعامل أساسى قد يولد منه شىء جديد بخصوص الأزمة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة