الحديث فى الشأن السياسى أصبح ممللا، مشاهدة مسرحية لأشرف عبدالباقى وعلى ربيع أفضل 100 مرة من ترديد شعارات عن الدولة المدنية والديمقراطية والتعددية الحزبية ودور رجل السياسة فى صناعة القرار بالدولة، وكيفية التوأمة بين دولاب الحكومة ومجلس النواب، ولكن دورنا كصحفيين متابعين للقضايا اليومية هو تنوير القارئ وتقديم وجبة معلوماتية يومية، حتى لو كانت ثقيلة.
من بين الوجبات الثقيلة التى لا يجب أن تخفى على القارئ العزيز، هى حقيقة التعددية الحزبية فى الحياة السياسية بمصر بعد 30 يونيو، تجدد الحديث عنها مع بداية الانتخابات البرلمانية، زادت نغمة الأحزاب والائتلافات، وتم الترويج على أن الائتلاف هو بداية التعدد الحزبى، ظهر أول ائتلاف انتخابى «فى حب مصر»، روج قياداته على أنه ليس حزبا وطنيا جديدا، ولن يسير على خطى الحرية والعدالة، نجاحهم الحقيقى يتجسد فى تأسيس مشروعية الائتلاف داخل البرلمان، لأنه رغم مرور شهرين من عمر المجلس، فإنهم لم يمثلوا فى أية لقاءات رسمية، لأنهم بعرف القانون ليسوا ائتلافا غير معترف به حتى الآن.
معركة تأسيس الائتلاف كانت بإدراجه ضمن اللائحة الجديدة للبرلمان، ولكنى بأية نسبة وبأى شكل، جرت مناقشات طويلة حول نسبة تكوين الائتلاف، مع عدد كبير من أعضاء البرلمان اتجه نحو %15 من كامل عدد البرلمان، إلا أعضاء دعم مصر تشددوا فى أن تكون النسبة %25، وهى النسبة التى تقطع الباب أمام أى مجموعات أخرى بالبرلمان لتشكيل ائتلاف، بما يعنى محدودية للعمل السياسى تحت قبة البرلمان، بما يعنى أن دعم مصر التى شكلت الائتلاف بغرض إنعاش الحياة السياسية هى من تريد احتكار المشهد السياسى تحت قبة البرلمان.
بعد أن انتهت اللائحة، تم عرضها على قسم التشريع بمجلس الدولة، وهناك عند أهل القانون كانت المفاجأة، أن مجلس الدولة تحفظ على النسبة واعتبرها ضد مفهوم التعددية الحزبية، وعندما تحدث عنها المجلس، قال: إنها شكل جديد للممارسات السياسية على المجتمع المصرى، ومن ثم يتطلب الأمر المقارنة بالنماذج الأجنبية والتعلم من الدول التى سلكت الطريق قبلنا، وضرب قسم الفتوى والتشريع نموذجا بالبرلمان الفرنسى الذى يسمح لـ 15 عضوا بتشكيل ائتلاف، وليس 150 كما نريد نحن، رغم أن عدد أعضاء البرلمان الفرنسى أكبر من عدد أعضاء البرلمان المصرى، فى فرنسا يصل العدد إلى 925 نائبا، بينما نحن 594 نائبا.
القارئ العزيز، مدرك تماما وأنا أكتب لك عن هذه القضية الجدلية أنك قد تصاب بالملل أو تقول: «ائتلاف مين يا عم وأنا مالى»، صحيح ليس لك علاقة مباشرة بالائتلاف على المدى القريب، ولكن فى المستقبل أنت مشتبك معهم بشكل مباشر، لماذا؟ لأن صاحب القرار الأساسى فى البرلمان بعد ذلك لن يكون حزب الأكثرية كما كان متبعا دائما من قبل، ولكن سيكون الائتلاف المسيطر، إضافة أن وجود ائتلاف احتكار لفكرة واحدة أو رأى واحد أو حتى توجه سياسى واحد، والأصل هو التنوع والتعدد والتشكل السياسى تحت قبة البرلمان، لأن هذا هو المتبع فى كل دول العالم، ونحن لن نخترع السياسة أو نضع «موديل» يليق على التركيبة المصرية.
رجائى الأخير، أن تكون ملاحظات مجلس الدولة على نسبة الاتئلاف السياسى محل اهتمام من مجلس النواب، يعمل على تعديل نسبة الائتلاف فى النسخة النهائية من اللائحة وصولا إلى تعددية سياسية تحت البرلمان.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة