لماذا وقّع الاتحاد الأوروبى الصفقة القذرة مع تركيا؟.. تلعب تركيا دائمًا على كل الأحبال لتحقيق مصالح خاصة بها هى فقط دون غيرها، فهذه هى عقيدة الأتراك دائمًا، لا ينظرون إلا لمصلحتهم دون أى اعتبار لمصالح الآخرين، فحكام تركيا يهوون دائمًا اللعب على أجساد الآخرين.. هذه هى هوايتهم، قالوا إنهم يدعمون القضية الفلسطينية فى حين كانوا يأخذونها سببًا لزيادة التحالف مع إسرائيل، واليوم يكررون نفس السيناريو مع سوريا واللاجئين السوريين، فحكام أنقرة كانوا ومازالوا أول من طالب بتغير نظام بشار الأسد ولو بالقوة، رافعين شعار مصلحة السوريين، فى حين أن هدفهم هو فرض السيطرة على سوريا، وتحقيق أهدافهم الخاصة.
أهداف تركيا فى سوريا هى تحقيق الحلم القديم بضم منطقة حلب السورية إلى داخل الحدود التركية، والقضاء على الأكراد، بالإضافة إلى الهدف الأكبر، وهو استغلال قضية اللاجئين السوريين كورقة تفاوض مع الاتحاد الأوروبى للحصول على دعم مادى، فضلاً على فتح ملف انضمام تركيا للاتحاد مرة أخرى بعدما وصل التفاوض قبل عدة أعوام إلى طريق مسدود.
من كل ما سبق يمكن قراءة الاتفاق الأخير الذى تم بين الاتحاد الأوروبى وتركيا، والذى قيل إن هدفه وقف تدفق المهاجرين إلى أوروبا عبر بحر إيجة، ونص على أن تستقبل تركيا طالبى اللجوء الواصلين إلى الجزر اليونانية بالطرق غير القانونية، مقابل استقبال الدول الأوروبية العدد نفسه من المهاجرين القانونيين الموجودين فى تركيا، مع تسريع صرف الدعم المالى المقدر بـ3 مليارات يورو من قبل الاتحاد الأوروبى لتركيا، وبحث مسألة إلغاء تأشيرات الدخول للمواطنين الأتراك إلى الدول الأوروبية. هذا الاتفاق، وبالنظر إلى بنوده وإجراءاته يتعارض تمامًا مع المواثيق الأخلاقية التى تجرم التلاعب السياسى بقضايا إنسانية، مثل قضية المهاجرين السوريين، فما أطلق عليه صفقة «تبادل اللاجئين» المنصوص عليها فى الاتفاق بين الاتحاد الأوروبى وتركيا، ما هو إلا تلاعب بالمواثيق والمبادئ الدولية الخاصة باللاجئين، وهو ما دعا المفوض السامى لحقوق الإنسان والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى الإعلان عن رفضهما لهذا الاتفاق، وانتقادهما تطبيق سياسة الإعادة القسرية للمهاجرين، وغياب توفير الحماية اللازمة لهم، بالإضافة إلى انتقاد عمليات الإعادة الجماعية للمهاجرين الذين يعبرون تركيا إلى اليونان بداية من الأحد الماضى، 20 مارس، دون تحديد ما إذا كانوا مؤهلين للحصول على وضع اللاجئ ويستحقون الحماية الدولية من عدمه، وفقًا لما نصت عليه اتفاقية جنيف لعام 1951، والتى ألزمت البلدان المتلقية للاجئين بالتحقق من وضعيتهم.
ولا يخفى على أحد أن اتفاق «تبادل اللاجئين» جاء مخالفًا لاتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، والتى حددت حقوق اللاجئ، بما فى ذلك حقوقه من قبيل حرية العقيدة والتنقل من مكان إلى آخر، والحق فى الحصول على التعليم، ووثائق السفر، وإتاحة الفرصة للعمل، كما تنص على عدم جواز إعادة اللاجئين، وحظر الطرد أو الرد إلى بلد يخشى فيه من تعرض اللاجئ للاضطهاد، مع العلم بأن تركيا تضع نطاقًا جغرافيًا محددًا لتنفيذ اتفاقية 1951، تمنح من خلاله الحماية الدولية الكاملة للاجئين القادمين من دول أوروبية، مع منح حماية منقوصة لباقى اللاجئين، فضلًا على التقارير التى تشير إلى قيام تركيا بإعادة بعض اللاجئين السوريين إلى سوريا فى مخالفة واضحة لاتفاقية 1951.
كيف يمكن حل مشكلة اللاجئين السوريين؟.. حل مشكلة اللاجئين لن تكون بمثل هذه الصفقات السيئة السمعة التى تورط فيها الاتحاد الأوروبى مع تركيا، وإنما يكون بالتوصل إلى حلول سياسية للأزمة السورية، وتبنى سياسة الباب المفتوح أمام اللاجئين السوريين وغيرهم، وتوفير المعاملة اللائقة بهم، كما تفعل بعض الدول ومنها مصر التى استقبلت عشرات آلافًا من السوريين، وتعاملت معهم كمواطنين، ولم تنتقص من حقوقهم شيئًا، ولم تحاول المتاجرة بقضيتهم، ولا استخدامهم كورقة ضغط فى لعبة سياسية قذرة كما تفعل تركيا. أمام الاتحاد الأوربى فرصة مناسبة لمساعدة السوريين، وليس الحكومة التركية، فبدلاً من مكافأة حكومة رجب طيب أردوغان على ما يفعلونه فى سوريا من خلال هذا الاتفاق «القذر»، عليهم أن يحاسبوا تركيا على الجرائم التى ارتكبتها فى حق السوريين، واستخدامهم كورقة فى سياستهم القذرة بالمنطقة، فأنقرة التى ستتلقى 3 مليارات دولار من الاتحاد الأوروبى هى من تقتل الأكراد السوريين على الحدود السورية التركية، وتقف أمام أى حل سياسى فى سوريا، لأنها تريد حكومة تدين لها بالولاء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة