سامح جويدة

فى استمرار البلاء رغم تغيير الوزراء

الأحد، 27 مارس 2016 11:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أتصور أن حالة البرود التى نستقبل بها أنباء التعديلات الوزارية حالة طبيعية، فلا أنت تتوقع منهم خيرا، ولا أنت تنتظر منهم شرا، لأن لو كان فيهم خير لكان فيمن قبلهم، ولو كان فيهم شر فماذا سيفعلون أكثر ممن سبقهم. ذكرياتنا مع كل الوزراء والحكومات محبطة للأسف لا فرق بين «نبيل، وسى نبيل، وعمو نبيل» كلها ذكريات منيلة بنيلة. والمعتاد والعجيب أن الأوضاع بتسوء مع كل وزير جديد، فتشعر أن الوزراء يتغيرون والمشاكل تستمر. الأسماء تتبدل والمصائب تتفحل.

الواضح أننا نغير وجوها ولا نغير سياسات. نبدل وزراء على نفس البلاء، فليس هناك أى تغييرات جذرية فى هيكلة أى وزارة، أو فى اختصاصاتها، أو فى طريقة عملها، أو فى نمط إدارتها منذ عشرات السنين، حتى بعد الثورة خرجنا بمصطلح غريب اسمه «وزارة تسيير أعمال» بغض النظر عن أن هذه الأعمال هى السبب فى قيام الثورة، لذلك لم يتغير أى شىء، ولن يتغير، وسنظل نلعب «حورينى يا كيكا» حتى ندفن كيكا بعيال عيال عيالها. ومنذ عدة أشهر وإبان التغيير الوزارى السابق كتبت فى نفس المكان مقالا بعنوان «فوازير اختيار الوزراء فى مصر؟»، متعجبا من المعايير الخفية والمقاييس السرية التى تستخدمها الدولة فى اختيار وزرائها، ولماذا نأتى «بألضو ونرمى شاهين» مادام الاثنان متشابهين. لم نسمع يوما أن الحكومة جاءت بفلان فى الوزارة لأنه يمتلك رؤية مختلفة أو استراتيجية جديدة لحل مشاكل الوزارة وتحسين خدمتها، بل غالبا ما يأتون بمساعد الوزير السابق وتلميذه النجيب على أنه النابغة المنتظر، فإذا كان الأستاذ فشل فهل نتوقع المعجزة على يد تلاميذه!!. كما أننا لم نر الدولة يوما تستعين بقدرات علمائها فى المناصب الرسمية، بل هم مجرد ضيوف خفاف فى المؤتمرات أو الاجتماعات أو الفبركات الإعلامية.

والغريب أن كل الوزراء الجدد منذ عهد عبدالناصر وحتى الآن لهم تصريح واحد «التقيت بالسيد الرئيس وأعطانى توجيهاته فى كذا وكذا، وشدد على تنفيذ كذا، وأبدى اهتماما كبيرا بكذا، وأمرنى بكذا». لم يصرح أحدهم بأنه عرض على الرئيس خطة للتطوير أو استراتيجية حقيقية للتغيير، ولا حتى ناقشه فى إمكانية تنفيذ التوجيهات من عدمها، أو أوضح له الاحتياجات اللازمة للتطوير إذا كانت مالية أو هيكلية. لم يخرج وزير ليقول إن سياسات الدولة فى موضوع ما لا تلائم خطط إصلاحه أو تؤخرها. تشعر بأن كل التصريحات ملونة ولزجة من باب المجاملات وليس لتوضيح المسؤوليات. ثم ما فائدة الوزير الجديد مادام يأتى ليسمع وينفذ نفس التوجيهات القديمة. ما فائدة الاستعانة بمصمم أزياء جديد مادمنا سنعطيه توجيهات بتنفيذ نفس الباترون القديم. لذلك يجب أن نتساءل: لماذا تغيرون الوزراء فى مصر مادام أن الوزير هنا مجرد ترزى لا يبدع ولا يبتكر، وتقف نتائجه على القص والترقيع. وإذا كانت مهام الوزير غير ذلك فلتوضح لنا الحكومة لماذا غيرت وزير النقل بوزير نقل سابق، ولماذا غيرت وزير السياحة إذا كان تولى وزارة السياحة مرتين فى أقل من عامين؟!

علينا أن نفهم ولو من باب الصدف السعيدة لماذا غيرت الدولة وزراءها وما أهداف التغيير؟ فإذا كان سبب تغيير وزير الرى فشله فى مباحثات سد النهضة الإثيوبى، فالوزير الجديد كان الرجل الثانى فى المباحثات فما الفرق؟! وإذا كان تغيير وزير الآثار بسبب فشله فى مواجهة تهريب الآثار والعبث بها أو إفسادها بقصد أو بغباءو فما مقومات الوزير الجديد إذا كان من تلاميذ الوزير السابق ومن كوادر الوزارة؟! ثم لماذا تم تغيير هؤلاء ولم نغير وزيرى الصحة والتعليم رغم الانتقادات الرهيبة التى يتعرض لها الاثنان على المستوى الشخصى؟! فهل تغيير الوزير يعتمد الآن على وجود بديل، فإن لم يوافق البدلاء ظل الوزراء؟ أشعر أن تغيير الوزراء يأتى دائما كجرعة قوية من المسكنات ليهدأ الناس ويسكت ضجيجهم، وليكتشفوا بعد فترة أن كل المسؤولين متشابهون، وأن عملية التغيير هى مجرد غسيل بلا تبديل.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة