كنا نظن سابقًا أن مصطلح التطرف يخص فقط التطرف الدينى بشكله التقليدى المعتاد والذى عانينا منه سنوات طويلة تتزايد وتتناقص حدته حسب المواقف والأحداث، لكن العجب كل العجب على ما أصاب المجتمع المصرى من تطرف عام فى كل شىء وصل إلى حد الافتراق لرفقاء الدرب الواحد بمنتهى الحدة!
فقد تخطى التطرف الذى أصاب المصريين حدود العقل والمنطق، فنال من كل شىء واجتاح كل القطاعات حتى التى لم يكن لها أن تُصاب بهذا المرض الجديد.
فلا اندهاش أن نجد الآن الفرق المختلفة فى آرائها وتوجهاتها السياسية تنتهج منهج العنف وإعلان العداء الصريح تجاه بعضها البعض بشكلٍ فج قد أفقد المناخ السياسى منطقيته التى يجب أن يكون عليها!
حتى إنه لم يعد هناك ما يسمى بالمرونة فى الفكر الذى بناء عليه قد يطور الفرد السوى بعض أفكاره ويغير بعض آرائه حسب المتغيرات التى تتجدد يومًا بعد يوم، حيث نجد الآن العمى الفكرى والتعصب هو المسيطر الأوحد فلا يسمع أحد للآخر لربما يتفهم وجهة نظره!
وما كان أعجب وأغرب أن تصل حدة التطرف الأعمى إلى تصنيف الآخر وتقييمه حسب موقفه السياسى يا معانا يا علينا ولا توجد بينهما أية مساحات للحوار!
فقد فوجئتُ منذ عدة أيام بخناقات حادة على صفحات التواصل الاجتماعى التى تحولت إلى ساحات للصراعات والتخوين ونشر الشائعات واجتزاء الكلمات لزيادة نسب المشاهدات وبالتالى فلا مانع من تأويل الكلام وتحريفه لكسب المزيد من التعليقات.
فقد انقسم جمهور سوشيال ميديا نصفين ما بين مؤيد بشدة ومعارض بشراسة لما تم ترويجه من كلمات مجتزئة عن لسان الفنان أحمد عبد العزيز والتى كانت كالآتى: (٢٥ يناير هى الثورة الوحيدة) .
وبناءً عليه انهال شباب الثورة على الثناء والإطراء والتهليل لكسب تأييد مطلق لآرائهم المتطرفة التى لا ترى الأمور إلا من زاوية واحدة لا تتسع لترى الصورة الكاملة، فلا تعترف بما تلى ٢٥ يناير من امتداد للثورة وتصحيح مسارها الذى انحرف على يد تجار الدم والدين !
وعلى الجانب الآخر: ثار غضب جمهور ٣٠ يونيو غير المعترف بيناير على الإطلاق والذى يرى أنها نكسة بكل المقاييس، فراح يكيل الاتهامات ويعلن صدمته العظيمة فى فنان كانوا يعتبرونه رمزًا من رموز الثورة على الإخوان والذى قد خذلهم بهذا التصريح الذى هلل له جمهور يناير فرحًا وتبجيلاً!!
لذا فقد استشعرت أن هناك خطأ متعمدًا من مواقع الشعللة الاجتماعية، فبحثت عن سياق الكلام الذى وردت به تلك الجملة التى انقسم حولها المتخاصمون، فوجدت الاجتزاء المتعمد للكلام الذى كان فى إحدى الندوات العامة كالآتى:
(إن ثورة ٢٥ يناير هى الثورة الوحيدة وما تبعها هى مجموعة الموجات الثورية التى انتهت بـ٣٠ يونيو)!!
نعم هناك اختلاف جذرى بالمعنى الذى تم تأويله وتقطيعه ليرضى البعض ويغضب البعض الآخر باندفاع ودون تدقيق أو تقصى للحقيقة!
وقد كان هذا المثال خير دليل على مدى الانقسام والتعصب الذى وصل إلى حد التطرف، فتحول إلى مرض عضال يستشرى فى جسد الأمة ولن يسفر إلا عن عرقلة وتعويق يصب فى النهاية فى مصلحة أعداء الوطن .
إلى كلٍ منا رفقًا بالآخر .
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة