ما أول نصيحة للوزراء الجدد؟.. فى البداية أبارك للوزراء الجدد، وإن كنت لا أفضل مثل هذه المباركات، لأن الشخص الذى يتولى مسؤولية مثل هذه يستحق أن نواسيه لا أن نبارك له، فهو مُقبل على مسؤولية كبيرة أعانه الله عليها، فهو مسؤول أمام الله قبل البشر على ما اؤتمن عليه، وكل خطواته أصبحت بحساب وتحت المرصاد، وما عليه إلا أن يراعى ضميره فيما أسند إليه من منصب ومسؤوليات أيضا.
الوزراء الجدد ومعهم من بقوا من التشكيلة القديمة أقول لهم إن أهم نصيحة ينبغى العمل بها أن يقللوا من تصريحاتهم العمومية، ويركزوا فى الأفعال، وأن يعملوا بالآية القرآنية «فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِى الأَرْضِ»، فالتصريحات الخاوية هى من أطاحت بالسابقين، ليس لأنهم صرحوا أو تعاملوا مع الإعلام، لكن لأنهم قالوا ما لم يفعلوا، فكانت منازلهم أولى بهم، وجرى تغييرهم بمن تتوقع الدولة أنهم قادرون على العمل وسط التحديات الكبيرة.
لا أدعو بالطبع الوزراء الجدد ومعهم القدامى لمخاصمة الإعلام، فهذا ليس مطلبى مطلقا، بل عليهم أن يوثقوا هذه العلاقة، وأن يعملوا بتكليف الرئيس عبدالفتاح السيسى لهم فى أثناء لقائه مع الوزراء الجدد بعد أدائهم اليمين الدستورية الأربعاء الماضى، حينما طالبهم بأهمية التواصل مع المواطنين من خلال وسائل الإعلام لإيضاح حقائق الموقف بكل صراحة وشفافية، وإطلاع المواطنين، سواء على التحديات أو الإنجازات والتطورات الجارية بشأن المشروعات، والجهود التى تقوم بها الوزارات المختلفة.
كل ما أقصده ألا يتحدث كل وزير إلا بما يملكه فقط، وألا يقول ما لا يعلمه أو ما ليس فى قدرته أو فى استطاعته، وأن يتجنب التصريحات الاستفزازية أو التى تخرج عن نطاق المطلوب منه، أو بمعنى آخر ألا يكونوا ملكيين أكثر من الملك، وأعتقد أن المعنى مفهوم لهم.
أنصح الوزراء بالتركيز على الفعل والعمل مع إبرازه، لا أن يتحدثوا عن أمنيات وآمال ماداموا غير قادرين على تحقيقها، فمن سبقوهم ضاعوا فى غياهب المستقبل دون أن يكونوا جاهزين أو مستعدين للتعامل مع المستقبل، فمصر تمر بظروف صعبة سياسيا واقتصاديا، وكل ما نحتاجه كما قال الرئيس للوزراء: «التحلى بالتجرد والتفانى وإعلاء مصلحة الوطن، فضلا عن ترشيد الإنفاق والحفاظ على المال العام، ودراسة كل التفاصيل للوقوف على أهم الملفات فى كل وزارة، مع أهمية البناء على ما تم تحقيقه من إنجازات ودراسات لاستكمالها وتنفيذها، مع الحرص على التواصل والتنسيق، سواء بين الوزارات المختلفة أو بين جميع القطاعات داخل كل وزارة».
أنصح الوزراء بأن يعيدوا قراءة تكليفات الرئيس لهم أكثر من مرة لأنها كافية بأن يعملوا بشكل يرضى المصريين، فالرئيس أكد لهم أهمية مكافحة الفساد بجميع صوره وأشكاله، سواء كان ماليا أو إداريا، وأن جهود مكافحة الفساد لا يتعين أن تقف عند حدود منع الفساد المالى، مثل الرشوة وغيرها، ولكن تمتد أيضا لاختيار العناصر المتميزة التى تقدر قيمة الوقت والجهد وتستطيع تنفيذ المهام الموكلة إلى كل وزارة من الوزارات على الوجه الأكمل.
نعم اختيار العناصر المتميزة هو إحدى الآليات الناجحة فى العمل، والقادرة على خلق أفكار جديدة لمواجهة المشاكل والأزمات، لأن الاعتماد على عناصر الثقة لن يحقق المطلوب، وإنما سيزيد من الضغوط الملقاة على عاتق الوزراء، خاصة فى القطاعات التى تتطلب أفكارا من خارج الصندوق، وتحديدا وزراء المجموعة الاقتصادية، ممن تقع على عاتقهم مسؤولية كبيرة خلال الفترة المقبلة، سواء لإعادة التوازن للجنيه المصرى، أو ضبط السوق حتى لا تتأثر بارتفاع سعر الدولار، فضلاً على زيادة الاستثمارات الأجنبية بعد تغيير البيئة التشريعية بما يتلاءم مع متطلبات المستثمرين الأجانب.
هناك الكثير من الآمال الملقاة على عاتق حكومة المهندس شريف إسماعيل بعد تطعيمها بعناصر جديدة، وعلى هذه الحكومة أن تبث قدرتها على المواجهة، خاصة أن الوقت يداهم الجميع، ولم يعد الوقت فى صالحنا، بل إنه تحول لعنصر ضغط على الجميع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة