محسن حسنين

أبواب جهنم التى فتحها محافظ "المركزى"..!!

الثلاثاء، 29 مارس 2016 08:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا أدرى لماذا يصر طارق عامر محافظ البنك المركزى على خوض معارك جانبية وفتح جبهات جديدة ضده فى هذه الظروف الدقيقة، بل والعصيبة، التى تمر بها السوق والتى تضع السياسة النقدية على المحك.. ولاأبالغ إذا ما قلت إن المحافظ فتح على نفسه أبواب جهنم؛ وأثار حالة من الجدل فى السوق، حول قراراته وآرائه التى أعلنها على الملأ فى حواره الطويل، غير المسبوق، مع إحدى الفضائيات..!

لقد كنت أتمنى أن يدخر عامر جهوده لأكبر معاركه وهى الوصول لسعر عادل للجنيه المصرى ومواجهة "خفافيش" السوق السوداء للعملات؛ والتعامل مع أى تداعيات سلبية لقرارته المتتالية بخفض قيمة الجنيه ثم رفعها مرة أخرى، والتضحية بأكثر من مليارى دولار اقتطعها من "لحم الاحتياطى النقدى الحى" ليضخها فى السوق أملا فى تخفيف الضغط على الجنيه.

لقد كنت أتمنى كل ذلك وأكثر لكن عامر أصر على الدخول فى أكثر من معركة فى نفس الوقت.. منها مثلا قراره، الذى أصدره منذ أيام، بتحديد مدة رؤساء مجالس إدارات البنوك بتسع سنوات فقط.. وهو القرار الذى أثار ومازال يثير جدلا واسعا فى السوق وانتقادا غير مسبوق لمحافظ البنك المركزى.. حتى أن أحد المنتقدين، وهو رئيس بنك عام سابق "زودها حبتين" عندما أكد أن القرار سيؤثر سلبا على الاستثمار، ويخيف المستثمرين على مستقبل استثماراتهم فى السوق المصرية؛ بل زودها أكثر عندما ادعى أن القرار ستكون له آثار سلبية على التصنيف الائتمانى لمصر الذى تعتمد عليه المؤسسات المالية الدولية والشركات العالمية عند اتخاذ قراراتها بضخ أى أموال أو استثمارات جديدة..!

ناهيك عن أن البعض هدد باللجوء للقضاء لإلغاء قرار المحافظ متهمين إياه بأنه يستهدف من وراء قراره الإطاحة بأسماء بعينها من رؤساء البنوك الحاليين؛ ويصورون الأمر على أنه محاولة لتصفية حسابات قديمة..!

والغريب فى هذا القرار هو أن القانون يعطى الحق أصلا للبنك المركزى فى تنحية أى مجلس إدارة بنك دون إبداء الأسباب.. وبالتالى يمكن لـ"المركزى" أن يقيل أى رئيس بنك فى أى وقت يشاء دون التقيد بالمدة التى قضاها فى منصبه.. وبالتالى فالقرار الذى أصدره محافظ البنك المركزى هو تحصيل حاصل ولم يضف أى شىء..!

أما المعركة الأكبر التى "تورط" فيها المحافظ فتتعلق برأيه فى إحدى صفقات الاستحواذ الجارية حاليا فى السوق المصرية.. وعلى الرغم من وجاهة رأى المحافظ الذى يصر على ضرورة ضخ المستحوذ لأموال فى السوق المصرية بدلا من اقتراض كامل مبلغ الصفقة من البنوك المصرية على طريقة المثل الشعبى القديم "من دقنه وافتله".. إلا أننى لست مع المحافظ فى إبداء رأيه على الملأ.. والتطرق إلى تقييم كفاءة بعض أطراف الصفقة وسابق خبراتهم.. إلى آخر ذلك من الأمور التى أثارت حالة من السخط بين المستثمرين والمراقبين.. وجرت المحافظ، لأول مرة، إلى معارك كلامية بينه وبين بعض أطراف الصفقة؛ وهو أمر لم يحدث من قبل من جانب أى محافظ لبنك مركزى فى العالم.. فمحافظى البنوك المركزية هم أقل الناس كلاما؛ لأن كلماتهم وإشاراتهم؛ بل وحتى همساتهم ولمساتهم وصمتهم الرهيب؛ كما قال شاعرنا الكبير كامل الشناوى فى قصيدته "لا تكذبى"، يمكن أن تفسر تفسيرات قد تترجم إلى قرارات استثمارية.. لذلك يؤثر محافظو البنوك المركزية فى العالم بـ"الصمت الرهيب" رافعين شعار: إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب..!

لكن محافظنا عامر لم يكتف بالهمس ولا باللمس ولم يتحصن بالصمت الرهيب.. بل قال كل ما يمكن أن يقال عن الصفقة ورأيه فيها تصريحا لا تلميحا، بلسان عربى مبين، ما دفع أحد كبار رجال الأعمال الضالعين فى الصفقة إلى اتهامه بمحاولة عرقلتها والضغط على البنوك لعدم تمويل الصفقة؛ بل والدفع بأحد أكبر البنوك العامة إلى الدخول لاقتناص الصفقة؛ وهو ما نفاه تماما محافظ البنك المركزى جملة وتفصيلا.

مرة أخرى كنت أتمنى ألا يورط محافظ البنك المركزى نفسه فى معارك جانبية قد تؤثر سلبا على أدائه الممتاز، حتى الآن، فى المعركة الأكبر والأهم وهى معركة ضبط سوق الصرف والوصول لسعر عادل للجنيه المصرى، والقضاء على السوق السوداء للعملات.. لكننى أعتقد أن المحافظ يجب أن يضع حدا لما يدور فى السوق من جدل وأن يحتوى حالة السخط السائدة بين عدد من قيادات الجهاز المصرفى والمستثمرين لأن استمرار هذا الوضع المرتبك والملتبس ليس فى صالح أحد.. أى أحد.

فالمطلوب باختصار هو، كما قال شاعرنا الشناوى فى رائعته "لا تكذبى"، أن من أشعل النيران يطفأها.. وأن من بدأ المأساة.. ينهيها..!!

•رئيس تحرير مجلة أكتوبر السابق.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة