كريم عبد السلام

دروس إسقاط عضوية توفيق عكاشة

الجمعة، 04 مارس 2016 12:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نعم هناك أمل فى هذا البرلمان
فى الوقت الذى كان الجميع يشعر بخيبة أمل كبيرة من مجلس النواب ومما يجرى فيه، وبينما كان كثيرون يتهمون المجلس بأنه تحول إلى برنامج توك شو كبير فى فضائية خاصة لا سيطرة لأحد عليها، قرر نواب الشعب تغيير هذه الصورة، ووقف ظاهرة التجاوزات والبلطجة والإساءة إلى سمعة البرلمان، بعقد جلسة طارئة للتصويت على إسقاط عضوية النائب توفيق عكاشة.

لم تكن الجلسة الطارئة التى عقدها البرلمان لإسقاط عضوية عكاشة ردا مباشرا فقط على تحديه الإرادة الشعبية، باستضافته السفير الإسرائيلى، والخوض معه فى قضايا تمس المصالح العليا للبلاد، وإنما كانت على مجمل الإساءات والتجاوزات التى بدرت منه، وخلطه بين مواقفه كنائب برلمانى وبين كونه صاحب فضائية خاصة، يستخدمها كمنصة لإطلاق الشتائم وتصفية الخصوم والخوض فى الأعراض، الأمر الذى أساء إساءة بالغة لصورة مجلس النواب، وأصاب الناس باليأس من أن يكون للمجلس أى دور، سواء فى سن القوانين أو الرقابة على الحكومة أو تمثيل البلاد فى المحافل الدولية.

إذن كانت جلسة البرلمان لإسقاط عضوية عكاشة نوعا من التطهير المؤسسى، والدفاع عن صورة البرلمان المصرى أمام العالم كله، ومصالحة الشعب الغاضب من سيادة التجاوزات والبلطجة والمهاترات فى مجلس من المفترض أن يلبى طموحات شعب منهك اقتصاديا، وباحث عن غد أفضل، ويعانى من حروب مفتوحة على جبهات عدة.

كما كانت جلسة إسقاط عكاشة التى شهدت موافقة كاسحة من النواب الحاضرين على إبعاد النائب المسىء للمجلس، ميلادا جديدا للبرلمان المصرى، برلمان أكثر رصانة والتزاما وتعبيرا عن المطالب الشعبية، برلمان يعرف كل نائب ونائبة فيه أنه ممثل للناس، وأن عليه واجبات تجاه الناس، كما أن الناس يراقبون أداءه تحت القبة وتصرفاته خارج البرلمان.

الدروس المستفادة من إسقاط عضوية عكاشة كثيرة، وفى مقدمتها، أن يراقب كل نائب بالبرلمان نفسه وأداءه حتى يكون مثالا يحتذى لنائب الشعب، وأن ينضبط أداء البرلمان ككل ليمارس المهام المنوطة به، من تشريع ورقابة وتعديل للقوانين، بعيدا عن الشغب أو التجاوزات أو الرغبة فى الظهور.

إسقاط عضوية عكاشة، تدفع النواب المستقلين والمنتمين لأحزاب سياسية إلى استبدال الانتماء للبرلمان وتاريخه وبرتوكوله، بأى انتماء آخر، سواء كان شخصيا أو جغرافيا لأبناء الدائرة التى منحته أصواتها أو للحزب الذى وضعه على قوائمه ورشحه فى الانتخابات، فما حدث من انصهار وإجماع بين المستقلين والحزبيين فى تلك الجلسة التاريخية، إنما كان إجماعا غير مكتوب على إعلاء القيم الأخلاقية والبرلمانية والانحياز للرأى العام، والأعراف غير المكتوبة التى تحفظ للمجتمع تماسكه واستقراره، وهو فى النهاية بشرة خير لإنجاز تشريعى مقبل يتكامل مع ما تبذله كل مؤسسات الدولة من جهد.

الدرس الأخير من موقعة إسقاط عكاشة، أن ننظر جميعا إلى المستقبل وأن نطوى تلك الصفحة بكل ما فيها وراء ظهورنا، وأن نتطلع لما ينفع الناس على كل المستويات، كفى مهاترات، كفى مشاحنات شخصية، كفى أنانية وحبا فى الظهور، كفى استعراضات، كفى مناكفة فارغة، ولينظر كل منا إلى مصلحة هذا البلد بكثير من التواضع وإنكار الذات.. يا رب .. آمين.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة