كيف تواجه الدولة البيروقراطية الطاردة للاستثمار؟.. تعليقاً على مقال «هل يشارك شبابنا بالخارج فى مبادرة المشروعات الصغيرة؟» الذى كتبته الأحد الماضى، تلقيت تعليقاً من «على عبدالفتاح على إبراهيم» الموجود حالياً بالمملكة العربية السعودية، حدد فيه مجموعة من المشاكل التى سبق وتحدث عنها الرئيس عبدالفتاح السيسى، حينما طالب بتوفير المنشآت والمعدات اللازمة لتشغيل تلك المشروعات، لاسيما بالنسبة لمدينة الآثاث بدمياط، ومجمع الجلود بمنطقة الروبيكى، وآخر للسجاد فى كرداسة، وذلك ضمانًا لنجاح تلك المشروعات، وتوفيرًا للوقت والجهد.
على عبدالفتاح قال إن «أهم من التمويل هو الثقافة للعاملين بالمحليات الذين مازالوا يحكمون ويعطلون كل شىء، باختصار شديد جدا أنا مغترب بالسعوديه ولدى 4 أولاد، رأيت أن أعمل مشروعا صغيرا عمالته فى حدود 60 عاملا يزيد إلى 100 عامل عند الاكتمال، وذلك بمدينة قنا وأنشأت ورشة، لذلك وأنفقت عليها مبالغ، وقمت بشراء معرض بوسط المدينة كمنفذ للبيع، ووصل إجمالى ما أنفقته حتى الآن 700 ألف جنيه، وذلك دون الحصول على أية قروض، علما بأن التكلفة المتوقعة للمشروع تصل إلى مليون و700 ألف جنيه، وذلك رغبة منى بالمساهمة قدر المستطاع فى تنمية الصعيد على قدر إمكانياتى، مع العلم بأن كل ما أنفق على المشروع كان عبارة عن تحويلات من الخارج، وعند مراجعة المحليات والعاملين المسؤولين عن التصاريح بمجلس المدينة لم تتم الموافقة على منحنا التراخيص اللازمة، رغم استعدادى التام لإجراء أية تعديلات أو تحسينات فى حالة مخالفة الورشة والمعرض، وأيضا على استعداد لدفع أية مبالغ حسب النظام والقانون للتصالح إن كانت هناك مخالفة، وأيضا مستعد للتبرع للمدينة بمبلغ على قدر إمكانياتى، لكن لا أحد يريد أن يسمع ولا أن يتناقش أو يفيدنا.
على عبدالفتاح ختم تعليقه بسؤال صادم «فهل هى كذبة التنمية للمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، أم هى توجهات الرئيس السيسى، أم هو الخوف والحب لمصر هو الذى دفع مسؤولى المحليات إلى رفض المشروع؟».
المشكلة من وجهة نظر على عبدالفتاح هى تعدد الجهات المسؤولة عن منح التراخيص والموافقات لإنشاء مشروع، فمشكلة على عبدالفتاح أن المشروع الذى ينوى تنفيذه يحتاج لموافقات من مجلس المدينة والدفاع المدنى ووزارة الصحة والتموين وبعد ذلك يوقع المحافظ، وإذا رفضت أيا من هذه الجهات توقف المشروع كما حدث مع «على» الذى رفضت التموين الموافقة له.
ما جاء فى تعليق على عبدالفتاح مثال حى لما يحدث عندنا من بيروقراطية قاتلة أدمنتها أجهزة الدولة، فهل يعقل أن يتبرع موظف من تلقاء نفسه ليجعل من توقيعه أداة للمنح والمنع، مع علمه أن بفعلته هذه يدفع البعض للتفكير ألف مرة فى الإقدام على إنشاء مشروعات، لأنه يعلم أنه سيواجه نظاما بيروقراطيا لن يسمح له بالعمل مطلقاً؟. الرئيس السيسى مدرك لهذه المعضلة التى لا تواجه الشباب وصغار المستثمرين فقط، وإنما يعانى منها كبار رجال الأعمال أيضاً ممن يشكون يومياً من تعنت بعض المسؤولين، لأسباب مختلفة، تارة تعود إلى القوانين التى عفا عليها الزمن، وتارة أخرى إلى الخوف أو الأيادى المرتعشة، والغريب أن كل هؤلاء لم يعوا رسالة الرئيس لهم حينما قال أكثر من مرة أنه صادق فى الحاجة إلى كسر القواعد البيروقراطية التى وصفها بأنها «تكتفنا وتكتف تقدمنا، ويجب أن نكسرها لأنها تعطى رسالة مش كويسة»، الرئيس لديه الرغبة الصادقة والأكيدة فى العمل وكسر كل القيود، لكن مسؤولينا وموظفينا لا يريدون العمل.. إذن ما الحل؟
الحل يبدأ بتغيير البنية التشريعية التى يستخدمها المسؤولون لعرقلة المشروعات الناجحة التى تقف عائقاً أمام أى محاولة للابتكار أو التفكير خارج الصندوق، ويكفى أن نشير هنا إلى مطالب عدد كبير من المستثمرين الأجانب بتغيير البنية التشريعية فى مصر حتى يتسنى لهم العودة للعمل فى مصر من جديد، فهو خائف حتى وإن طمأنهم الرئيس أكثر من مرة، نعم يثقون فى الرئيس السيسى، لكن القانون يحتاج لتغيير، وهذا هو ما تحتاجه مصر وعلى الحكومة ومجلس النواب أن يتعاونا للوصول إلى بناء تشريعى يقضى على هذه المعضلة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة