بعيدا عن الجلسة التاريخية التى أظهر فيها البرلمان المصرى العين الحمراء، وأعاد هيبته، وجزءا من ثقة الناس فى أدائه، عندما أسقط عضوية توفيق عكاشة، يوم الأربعاء الماضى، فإن عكاشة سواء بمقابلة السفير الإسرائيلى، أو إسقاط البرلمان عضويته، وضع مصر فى موقف صعب، وأعطى خنجرا مسموما لإسرائيل، ومن خلفها الولايات المتحدة الأمريكية، لتوجيه كل الطعنات لها فى الصدر والظهر وفى كل أنحاء جسدها.
توفيق عكاشة، سواء كان يهدف من لقاء الرئيس إلقاء حجر فى المياه الراكدة، محدثا أمواجا ودوامات قاتلة، أو لا يهدف وتصرف كما يخاطب البسطاء فى القرى والنجوع، بنفس لغة «تزغيط البط» فكلتا الحالتين كارثة، وعواقبها وخيمة على مصر، حيث سيستغل اللوبى الصهيونى المحرك لأمواج بحار السياسة الأمريكية والإسرائيلية، الحدث ضد مصر، واتهامها بأنه تحمل من الكراهية للشعب الإسرائيلى ما لا تطيق عن حمله الجبال، ومن ثم فإنها دولة عدو.
البعض ربما تنفرج أساريره، وتُثلج صدره، بأن إسرائيل قد أدركت مدى ما يحمله المصريون من سخط وغضب ضدها، ورفض كل أنواع التطبيع، وهى ثقافة متجذرة، لكن الوقت غير مناسب، ومصر تخوض حروبا وجودية، سواء التى تهدد حدودها من الخارج، أو مواجهة الإرهاب فى سيناء والمحافظات المختلفة فى الداخل، وصعوبات بالغة السوء فى القطاع الاقتصادى، وحالة تربص من حركات ونخب وفوضويين لتأجيج الشارع، ومن ثم فإنها لا تستطيع مجابهة معارك أخرى، يقودها اللوبى الصهيونى المتحكم فى اقتصاد العالم، سواء بالضغط على الإدارة الأمريكية لوقف المساعدات، وفرض عقوبات اقتصادية دولية على القاهرة، أو الوقوف عقبة كبيرة أمام الاستثمار، وغيرها من قرارات العقوبات المختلفة.
نعم، قرار البرلمان إسقاط عضوية توفيق عكاشة، تاريخى، وكان لابد منه، ويشبه التدخل الجراحى السريع لإزالة ورم خبيث يهدد الجسد برمته، ولكن ونتيجة الموقف السيئ الذى وضعنا فيه «عكاشة» بتصرفه الغريب، وغير المفهوم، ومحاولة الاستقواء بإسرائيل، فى إطار مكايدة سياسية مراهقة، فإنه فتح علينا أبواب ريح سامة، لا داعى لها على الإطلاق، من خلال توظيف اللوبى الصهيونى للسخط الشعبى ضد زيارة السفير الإسرائيلى، وانتفاض البرلمان لإسقاط عضوية «عكاشة»، لتأليب العالم ضد القاهرة.
وما أدل على ذلك تهديد السفير الإسرائيلى بالقاهرة حاييم كورن، المغلف بدبلوماسية ساذجة، أثناء حواره لبرنامج «بتوقيت مصر» الذى أذيع على قناة «BBC» مساء أمس الأول عندما قال: «ردود فعل البرلمان المصرى بشأن لقائى بتوفيق عكاشة يثير أسئلة كثيرة فيما يخص العلاقة بين البلدين، فإذا كان لدينا سلام لسنوات عديدة ويخرج أعضاء فى البرلمان المصرى بقوة شديدة ضد اللقاء، فإنه يثير الأسئلة عن ثقافة التعليم من أجل السلام فى مصر، لكن هذه القضية مصرية وليست قضيتنا».
إذن نتائج ما فعله توفيق عكاشة، كارثة حقيقية، تكشف لنا بجلاء أن الذين يتصدرون المشهد، من نشطاء يجلسون فى مقرات الأجهزة الاستخباراتية ووزارة الخارجية الأمريكية، ويتحدثون عن كل كبيرة وصغيرة تمس الشأن الداخلى المصرى، ومرورا بنشطاء وحقوقيين ونخب يتلقون دعما ماليا كبيرا فى مقابل تقديم تقارير تشوه وجه الدولة المصرية خاصة فيما يتعلق بملف الحريات، وأخيرا توفيق عكاشة ومن على شاكلته، يدفعون البلاد للسقوط فى مستنقع الأزمات، دفعا.
توفيق عكاشة، وبمجرد ما تقع عيناك على صور استقبال السفير الإسرائيلى تستشعر أنه يجلس بنفس وضعية جلوس الحكام من الرؤساء والملوك أثناء استقبالهم الرسمى للضيوف، وكما أكد لى أحد أبرز أصدقائه والمقربين منه، أن الرجل أصيب بحالة من حالات الاستعلاء والغرور بعد فوزه بالمقعد البرلمانى، وبدأ يتصرف وكأنه رئيس لمصر، وليس عضوا بمجلس النواب، له دور رقابى وتشريعى حسب ما رسمه له الدستور، فوجدناه يأتى بتصرفات غريبة أثارت استهجان وسخط وغضب الشارع المصرى بأثره، ضده، ووصل به عدم الاتزان إلى أن يسبح ضد تيار الشعب المصرى، وكل مؤسسات الدولة، عندما التقى السفير الإسرائيلى.
«عكاشة» حالة نادرة، بدأها «بتزغيط البط» و«نهاها» بلقاء السفير الإسرائيلى فى منزله.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة