أول الذى يتبادر إلى ذهنك، عندما تعلم أن وزارة الثقافة متمثلة فى المجلس الأعلى للثقافة، تعقد مؤتمرا بعنوان «الحماية القانونية لحرية الفكر والتعبير.. نحو مجتمع حر ومبدع»، ويحضره كبار المبدعين والمفكرين والقانونيين، أن هذا المؤتمر سوف يصبح حركة انتقالية مهمة، وسط تهديد الحريات، وسجن المبدعين الذى نعيشه هذه الأيام، وأنك ستسمع جديدا على مستوى التنفيذ، لكن الأمر مر بهدوء كأنه مجرد أمسية شعرية.
فالمؤتمر الذى شارك فيه حلمى النمنم، وزير الثقافة، وجابر عصفور الوزير الأسبق ومحمد فايق، رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، والكاتب الكبير مكرم محمد أحمد، والشاعر أحمد عبد المعطى حجازى، وجابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، وكثير من الحقوقيين والمهتمين بالشأن العام، الذى دار حول شهادات من كبار المفكرين والمبدعين، وتناول النظام القانونى الدولى لحرية الرأى والتعبير ومسؤولية الدولة عن انتهاك هذه الحرية، وحرية الرأى والتعبير فى أحكام الدستورية العليا، وحرية الرأى والتعبير فى قانون العقوبات المصرى وتطبيقاتها القضائية، لم يقدم شيئا ذا قيمة، وتم التعامل معه كأنه أمر دبر بليل.
ولنا أن نتخيل أن مؤتمرا بهذا الأهمية فى هذه الظروف الاستثنائية بدأ بعد السادسة مساء، وانتهى قبل العاشرة، وتعامل معه المنظمون كأنه أمر لا بد منه لكن علينا الانتهاء سريعا، فقد سجلنا كلامنا وحددنا موقفنا، وليس مهما أن ينتبه أحد، وهذا الخطأ يحاسب عليه المجلس الأعلى للثقافة، الذى جعلنا بهذا التنظيم الليلى نعرف أن الحديث عن الحريات فى هذا المجتمع أمر يقع على هامش يومنا، وعلى هامش حياتنا، لأنه كان لزاما ما دام قد تصدى لهذا الأمر أن يصبح مؤتمرا يليق بالحدث، وأن يعقد على يومين أو أكثر، وأن يكون فى وضح النهار يبدأ من العاشرة وينتهى فى الخامسة، وأن يعرف الجميع أن وزارة الثقافة تنظم مؤتمرا كبيرا لمدة يومين دفاعا عن الحريات، لكن لنا أن نتخيل أن هذا المؤتمر لم يتجاوز ميعاد ندوة عادية تقام فى أى مكان، وهذا لا يعنى أننا شكليون، لكن الإطار الذى يقدم فيه الموضوع أمر ضرورى ومهم جدا، ومدى اهتمامنا بالأمر ينعكس بالطبع على تلقى الآخرين له.
وترتب على الأمر السابق، ولضيق الوقت، أن تحول الأمر إلى مجموعة من الشهادات المعروفة سابقا، فكلنا يعرف رأى الجميع على المستوى النظرى، وإن كانت بعض الشخصيات المشاركة تملك أكثر من الكلام فـ«جابر نصار» رئيس جامعة القاهرة، ومحمد فايق رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، يملكان من خلال مؤسستيهما ما يمكن أن يسمى المقاومة الفعلية للقهر، لكنه لم يحدث.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة