نحو علاقة طيبة بين البرلمان والحكومة، بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، كتبت 3 مقالات سابقة استعرضت فيها مزيدا من تفاصيل العلاقة وشكل التواصل المطلوب، وتلقيت ردا من المستشار مجدى العجاتى وزير الدولة للشؤون القانونية، ونشرته الأمس كما جاء، تقديرا لسمو فكرة الرد وثناء على جهد الوزير، غير أن عبارة فى رد وزارة الدولة للشؤون القانونية استوقفتنى وسأتناولها بالتحليل والتعقيب، وهى أن الحكومة لا تتحايل على الأعضاء.
سأنقل هنا فى مقالى تصريحين، أحدهما لرئيس البرلمان، والآخر للوكيل، فالدكتور على عبد العال، رئيس البرلمان، فى كلمته بالجلسة العامة أمس الأول قال: «لن أقبل بأى تأشيرة غير حقيقية يمنحها الوزراء للنواب ولن أقبل أى تأشيرة غير مفعلة، وتحدثت مع المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء فى هذا الأمر»، وللعلم جاءت كلمة على عبدالعال بعدما تقدم أكثر من نائب بشكوى مفادها أان تأشيرات الوزراء للنواب «فشنك».
أما التصريح الثانى فصاحبه سليمان وهدان، وكيل مجلس النواب، وقال فى حوار مع موقع برلمانى: «الفترة الأخيرة شهدت عدم تنسيق بين عدد من الوزارات والنواب أدت إلى خروج التأشيرات غير النافذة، وتتكرر شكوى النواب بأنه يتم إرسال طلبات من المواطنين مُزكاة من السادة النواب، وتأخذ تأشيرات نمطية ليست لها جدوى، وهناك 50 طلبا مختلفًا قُدمت لوزير بعينه وجاءت التأشيرات متطابقة، فلا هو قال آه ولا قال لأ، وعلى الوزير أن تكون لديه الشجاعة ويعطى التأشيرة فى حدود ما يسمح به القانون، ورسالتى للوزراء أن يحترموا المجلس ولن يسمح بأن يكون هناك نوع من التسكين، وإن لم يجد الوزير نفسه قادرًا على حل مشكلة ما، فعليه أن يتنحى».
أعتقد أنه بعد تصريح رئيس البرلمان ووكيله عن نفس القضية يتأكد لنا أن هناك مشكلة بالفعل فى التواصل بين النواب والحكومة، رأس هذه المشكلة هى التأشيرات والطلبات المباشرة للنواب، وتتجدد هذه المشكلة مع كل طلب يوقع عليه الوزير بتوقيع «لا هو آه ولا هو لا»، توقيع يقنع النائب به أن الأمور على أكمل وجه، فى حين أن حقيقة التوقيع تنتهى بلا شىء، لا تنفيذ، الأمر نفسه دفع وكيل البرلمان أن يضرب مثالا بأن وزيرا من الوزراء وقع 50 تأشيرة بنفس الصيغة لم يقل فيها موافق أو غير موافق.
المطلوب ليس جلد الوزراء، لهم كل التقدير والاحترام على مجهودهم، ولكن المطلوب الصراحة والشفافية فى المعاملة، النائب لا يدخل على المسؤول إلا وفى يده مشكلة لأهالى دائرته يحملها بكل أمانة طامعا فى نقلها، وفى الوقت ذاته الوزير قليل الحيلة، محكوم بقيود كثيرة، الأصل هو شفافية العلاقة بين الطرفين، لأن مشهد التأشيرات «الفشنك» يزيد من نظرية التحايل، لا يقضى عليها، وإذا تزايدت وجاهة هذه النظرية وتضاعفت معطياتها فنحن أمام علاقة مضطربة فى المستقبل بين الحكومة والبرلمان، ناهيك بالأساس عن أن الحكومة ستقدم مشاريع للمجلس، وقد يرفضها النواب مثل قانون الخدمة المدنية، فضلا عما هو أخطر من مساحات اشتباك جديدة فى المراحل المقبلة.. بيان، ميزانية، قوانين اقتصادية.
رجائى لأصدقائنا من وزراء الحكومة ولنواب البرلمان الشرفاء، حافظوا على العلاقة الطيبة، حافظوا على المرونة وعلى الشفافية فى المعاملة، أعتقد أن النائب لن يغضب إن قال له الوزير إن الطلب تم رفضه بسبب «كذا وكذا»، ولكن فى الوقت ذاته أعتقد أن النائب سينفجر غضبا إن قابله الوزير بكل ترحاب، ووقع على طلبه، وفى النهاية فوجئ النائب بأن التوقيع «فشنك».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة