لا أجد مبررا لتلك الهجمات الشرسة التى يشنها البعض منذ اندلاع منذ ثورة 30 يونيو حتى الآن، تجاه كل من يختلف أو يدلى برأى ينتقد فيه النظام، على الرغم من الواقع يقول إن النظام ليس مقدسا أو خارج نطاق النقد، لأنهم فى النهاية بشر خاطئين وليسوا بملائكة، وأن عملهم فى العمل العام يجعل من حق المعارضة والإعلام والمثقفين أن يختلفوا معهم، ويدلوا بدلوهم فى كل الأمور التى يقومون بها من أجل الصالح العام، على عكس ما يشنه البعض من حملات وصلت إلى حد التشويه والطعن فى وطنية عدد من الرموز والكتاب والمثقفين، ظنا منهم أنهم بتلك الهجمات يساندون ويدعمون النظام، فى الوقت الذى لا يعلمون فيه أنهم يمثلون بتلك الهجمات أكبر ضرر على النظام.
فلا أجد مبررا لتلك الهجمة الشرسة التى شنها عدد من نواب البرلمان منذ أيام، على المرشح الرئاسى السابق (حمدين صباحى) لمجرد أنه دعا من خلال مبادرة لتشكيل ائتلاف معارض يضم عددا من التيارات اليسارية والمستقلين لتكوين كيان معارض تحت شعار (نصنع البديل) وهو عمل فى مجمله وطنى وجيد، وقد يكون نواه لتشكيل تكتل وطنى معارض يكون بمثابة (الـعين) التى ترى عيوب النظام وتكشفها، لا بهدف التأمر وإسقاط النظام، ولكن بهدف الارتقاء بالبلاد، من منطلق أننا جميعا شركاء فى هذا الوطن.
لدرجة أن أمر التشكيك وصل إلى حد تقدم أحد المحامين ببلاغ إلى النائب العام منذ أيام، اتهم فيه (صباحى) بمحاولة قلب نظام الحكم، والتحريض على العنف، وهو ما يعنى أنه على الرغم من مرور ما يقرب من 64 عاما على حصول مصر على استقلالها، إلا أن نظرة البعض للمعارض تعدت كل الحدود، ووصلت إلى النظر إليه على أنه (متآمر أو عميل) وهو ما حدث بالفعل مع (صباحى) الذى لاقى من التجريح والطعن خلال الفترة الماضية ما يكفيه، على الرغم من دوره الوطنى الذى اشاد به الرئيس السيسى ذاته خلال الفترة الماضية.
ورغم تلك النظرة والإشادة من قمه النظام، إلا أن البعض مازال مصرا على ترسيخ النظرة القاصرة للمعارض التى عززتها أنظمة سابقة فى مصر، ومازالت عالقة بأذهان البعض حتى الآن، اتقانا لتملق، على عكس النظرة الصحيحة والطبيعية لـ(المعارضة والمعارضين) فى أى مجتمع متحضر أو ديمقراطى (أنهم جزء لا يتجزأ من النظام).
وحتى لا تختلط الأوراق، أؤكد أننى هنا بصدد الدفاع عن (المعارضة الوطنية) ولست بصدد الدفاع عن (الإرهاب) أو من يتبنون فكرا متطرفا، أو يعملون لصالح جماعات أو منظمات لا هدف لها سوى السيطرة والهيمنة على البلاد وإسقاطها، لأن الفرق بين المعارضة والإرهاب شاسع، ولا اتفاق بينهما فى التعريف.
أعتقد أنه لم يعد هناك مجال لـ"نظرية المؤامرة"، التى زرعتها الأنظمة السابقة للتشكيك فى المعارضة والمعارضين، وأنه قد آن الأوان أن نتعامل مع من يعارضون النظام من منطلق أنهم قوى وطنية و(مصريون) يعتزون بمصريتهم، وأنهم جزء أصيل من النظام الذى ينتقدوه، والعين التى ترى عيوبه لتصويبها، وأن معارضتهم ليست لشىء سوى لخير هذا البلد.
كفانا تشويها للشرفاء، خاصة أن الرئيس نفسه اعترض على البعض ممن تطوعوا بذات المنطق للتنكيل بـ(صباحى) وتدخل لوقف إجراءات غبية، كان البعض قد شرع فى اتخاذها بالفعل ضد الرجل، بعد الانتخابات الرئاسية، فليس هناك نظام فى العالم يعمل دون معارضيه، ولا توجد دولة متحضرة فى العالم بلا معارضين، وإلا تحول النظام إلى ديكتاتورى فردى يحكم من وجهة نظر واحدة، وقد تهوى بالبلاد إلى أسفل السافلين.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة