«داعش» هو اختصار لاسم الدولة الإسلامية فى العراق وسوريا، وإذا ترجمناه باللغة الإنجليزية نجده «is is»، وهو إله عند القدماء المصريين يطلق عليه «عين الشيطان».. لا يوجد خبر فى جميع نشرات الأخبار العربية والعالمية والمحلية لم يذكر فيه اسم تلك الجماعة الأكثر دموية، هكذا اجتمع العالم أجمع على أن «داعش» هى خليفة الشيطان فى الأرض.. نحن فى مصر لم نجرب ما يعيشه السوريون فى مدينة الرقة السورية، عاصمة «داعش»، ولم نجرب ما يلاقيه العراقيون والأكراد من قتل وذبح واغتصاب.. فقط نراه عبر شاشات التلفاز، تدمع عيوننا، ولا نملك سوى الشجب، وقول حسبى الله ونعم الوكيل.. أقيمت تحالفات، واجتمعت قوات، وقامت غارات، ولا أحد يعرف هل من المعقول أن يمتلك هؤلاء الدواعش المكروهون فى المناطق التى يحكمونها كل هذه القوة وهذا الكم من التسليح الفائق القدرة، فى حين لا تستطيع تكتلات الدول الكبرى القضاء عليهم ومحوهم من على وجه الأرض.
الحقيقة أنه بعد انفجارات باريس وبلجيكا الأخيرة، ومعرفتى أن الجناة يحملون جنسيات أوروبية، ولدوا وتربوا فى أحضان الحضارة الغربية، عاشوا فى رفاهيتها، وذاقوا عدالتها، وتمتعوا بكل الحريات التى يحلم بها كل شاب، وفى نهاية الأمر فجروا أنفسهم أو قتلوا وذبحوا مثلما يفعل الإرهابيون داخل دولنا العربية والإسلامية، وأكثر ما أدهشنى وحيرنى هذا الانضمام الكبير لفتيات أوروبيات وأمريكيات لجماعة «داعش».. هذه الجماعات المتطرفة التى تنتهك فيها كرامة المرأة، وتعامل كجارية تغتصب، ويمارس معها ما يعرف بنكاح الجهاد، وتساءلت: ما البريق الذى دفع آلاف الشباب من مختلف دول العالم ومئات الفتيات للرحيل عن بلادهم، حيث الأمن والأمان، إلى بلاد مجهول فيها كل شىء؟.. هل يكون المال؟.. كم من المال تقاضوا ليقتلوا ويستحلوا الأعراض وينتحروا متهللين؟.. السلطة؟.. ما السلطة التى بين أيديهم لكى يتنازلوا عن راحتهم وأمنهم وهم مطاردون، يحاصرهم الموت من كل حدب وصوب.
قرأت ما كتب عنهم.. تابعت طريقتهم فى الحديث.. استمعت إلى شهادات حية من هاربين وهاربات من جحيم دولتهم.. شاهدت الأفلام الوثائقية التى صورت حياتهم وبماذا يحلمون؟، وما غاياتهم.. الجنة؟.. حلم جميل لا يوجد إنسان من كان لا يحلم أن يدخله الله الجنة، فكل الأديان السماوية تحث متبعيها على الخير حتى تكون نهايتهم الجنة.. ولكن هل هذا يكفى لجذب الانتباه بهذه الصورة المرعبة التى تغسل فيها الأدمغة، وتغلق فيها القلوب البشرية لتتحول إلى آلات لا تسمع ولا ترى ولا تنفذ إلا ما تؤمر به.
ذكرنى هؤلاء الدواعش وغيرهم من الجماعات الإرهابية بما كان يسعى إليه هتلر فى أثناء الحرب العالمية الثانية عندما قرر أن يعد جيشًا من الألمان شديدى القدرة على القتال يتم تأهيلهم من خلال تجارب وعقاقير تشحذ عقولهم حتى يتحولوا إلى بشر آليين.. لم ينجح هتلر وخسر الحرب، لكن الولايات المتحدة الأمريكية استكملت ما بدأه هتلر واستقطبت كل العلماء النازيين، ومنحتهم الجنسية الأمريكية مقابل استكمال حلم السيطرة على البشر وتكوين جيش من القتلة.
ورغم أننى لست من المؤمنين بمبدأ المؤامرة، لكن كل الأدلة تسير فى اتجاه تفسير هذه القوة غير المبررة، والأموال التى تغدقها دول بعينها يهمها أن تنتهى العراق وسوريا وكل الدول العربية من على الخريطة، وتتحول إلى دويلات تحكمها الطائفية والقبلية المدمرة، فالبروتكول الثالث عشر من برتوكولات حكماء صهيون التى أسست مع بداية قيام دولة إسرائيل وحلم الوطن يقول: «إن التقدم كفكرة زائفة يعمل على تغطية الحق حتى لا يعرف الحقُ أحدًا غيرنا.. نحن شعب الله المختار الذى اصطفاه ليكون قوامًا على الحق، وحين نستحوذ على السلطة سيناقش خطباؤنا المشكلات الكبرى التى كانت تحير البشرية لكى ينطوى النوع البشرى فى النهاية تحت حكمنا المبارك، ومن الذى سيرتاب حينئذ فى أننا نحن الذين كنا نثير هذه المشكلات وفق خطة سياسية لم يفهمها إنسان طوال قرون كثيرة».. هكذا يدار العالم وتنسج المؤامرات، ودائمًا يوضع الدين ستارًا لكل الموبقات.. «القاعدة» و«داعش» و«النصرة» و«أنصار بيت المقدس» كلها وجوه متعددة لعملة واحدة.. لا هم مسلمون، والإسلام منهم براء..المشهد يبدو برمته كالمسرح الكبير تتراقص على خشبته عرائس زائفة، تبتسم وقت الحاجة وتكشر عن أنيابها عند اللزوم، فمتى تنزل «داعش» من على خشبة المسرح ليصعد آخرون؟.