يوسف أيوب

لماذا السعودية؟

الإثنين، 11 أبريل 2016 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لماذا السعودية؟.. لن أدخل فى تفاصيل الهوجة المثارة حول تبعية جزيرتى «صنافير» و«تيران»، وهل هما مصريتان أم سعوديتان، لأن الأمر يحتاج لرأى يستند لأدلة تاريخية وجغرافية، وهو ما لا يتوفر لشخصى، ولا أريد الخوض فى أمر لا أستطيع الجزم به، وإن كنت على يقين وثقة بأن قواتنا المسلحة ودولتنا بشكل عام ليسوا من النوع الذى يقبل التفريط فى أرض مصرية أيًا كانت المغريات.

ما أريد أن أتحدث عنه الآن هو، لماذا كل هذا الهجوم على السعودية من جانب تيارات وشخصيات سياسية من المفترض أن تكون قادرة على التمييز بين المواقف الشخصية والمصالح الوطنية العليا؟، لكنها للأسف أحدثت خلطًا أعماها عن رؤية الحقيقة، وإعطاء كل ذى حق حقه، فالسعودية- بخلاف ما أعلن عن مشروعات مشتركة خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز للقاهرة- كانت أول من وقف بجوار الشعب المصرى حينما كانت دول إقليمية تعاديه بعد ثورة 30 يونيو، ولا يمكن لعاقل أن ينسى ذلك البيان التاريخى الذى أصدره العاهل السعودى الراحل الملك عبدالله بن العزيز الذى كان له أثر كبير فى تغيير مواقف عدد من الدول الغربية تجاه 30 يونيو.

علاقة مصر والسعودية لا يمكن أبدًا اختزالها فى مشروعات واتفاقيات واستثمارات، أو حتى ودائع فى البنك المركزى، لأنها قائمة منذ سنوات على أسس قوية ومتينة يشهد لها التاريخ الذى لا يمكن تحريفه، ولا تزويره، فحينما نقول إن القاهرة والرياض هما عاصمتا القرار العربى، فهذا الأمر لا يرتبط بالاقتصاد قدر ارتباطه بالتنسيق والتشاور المستمر بين البلدين، فبدونهما لا يمكن تصور حل لأى أزمات يمكن أن تتعرض لها المنطقة.

حتى إذا تجاوزنا السياسة وركزنا على الاقتصاد، وتحديدًا ما تم توقيعه على هامش زيارة الملك سلمان، فهى تأكيد على توافق مصرى سعودى على التعاون المشترك، سواء من خلال الاتفاق على إنشاء صندوق استثمار برأس مال 60 مليار ريال سعودى، واتفاقيات أخرى فى مجالات الإسكان والزراعة وتطوير الطرق وتشييد محطات الكهرباء، فضلاً على مذكرة تفاهم لإقامة منطقة اقتصادية حرة فى شبه جزيرة سيناء، ومشروع تشييد تجمعات سكنية ضمن برنامج تنمية شبه الجزيرة، وآخر للتنمية الزراعية فيها، وأيضًا إنشاء جامعة الملك سلمان فى مدينة الطور بجنوب سيناء، حيث ستمول السعودية مشروعات بقيمة إجمالية قدرها 1.5 مليار دولار فى سيناء، بالإضافة بالطبع للمشروع المهم والخاص بتشييد جسر برى يربط بين البلدين يمر فوق البحر الأحمر، بما سيسهم فى زيادة التبادل التجارى، ودعم صادرات البلدين، ولا يمكن أن نغفل أيضًا أن السعودية تحتل المرتبة الأولى بين الدول المستثمرة فى مصر بـ6 مليارات دولار.

هذا جانب مهم فى العلاقة بين الرياض والقاهرة، ويمكن اعتباره الأساس إذا سلمنا بأن الاقتصاد هو القاطرة التى تأخذ العلاقات السياسية للأمام، فما بالنا إذا كانت السياسة بالفعل منطلقة بين البلدين.

من ينظر لكل ما سبق ربما سيتوصل إلى السبب الذى دفع عددًا من السياسيين، ومعهم بالطبع أنصار الجماعة الإرهابية، للهجوم على السعودية، فهم كانوا يظنون أن إطلاقهم للشائعات حول العلاقة بين الرياض والقاهرة على مدى الأشهر الماضية ستكون كفيلة بإحداث قطيعة، لكن أثبتت الأيام أن هذه العلاقة أقوى من أن تؤثر عليها شائعة، لأنها قائمة على أسس تاريخية، ولا يمكن فك هذا الارتباط بهذه السهولة التى تصورها كارهو العلاقات المصرية السعودية.

هناك من ظن أنهم حينما نجحوا فى توتير العلاقة بين مصر وإيطاليا عل خلفية مقتل الباحث ريجينى أنهم قادرون على تحقيق نفس النتيجة بين مصر والسعودية، لكن فات هؤلاء أن السعودية ليست إيطاليا، حتى وإن زادوا النار اشتعالًا حول وضع جزيرتى «تيران» و«صنافير» فإن العلاقة باقية بينما هم زائلون.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة