«الرشاوى» الدينية فى حملة «دعم النقاب»
لا يمكن أن نصف الحملة التى قام بها السلفيون من أجل دعم «النقاب» بعدما نال فى الفترة الأخيرة هجوما كبيرا إلا بأنهم يقدمون «رشاوى» فعلية من أجل صبغ المجتمع بصبغة متشددة تضع الدين فى خانة السلعة، وتبدد الإرادة الحرة لفقيرات مصر، وربما كان الأمر مقبولا لو حاول السلفيون أن يجابهوا حملة «امنعوا النقاب» بحملة أخرى فكرية تعترض على الحملة الأولى أو حتى تتجاهلها وتعرض «مزايا» النقاب من وجهة نظرهم، وفى النهاية يصبح الأمر فى يد الإرادة الحرة للمواطنات من جهة، والرأى العام من جهة، وصانع القرار من جهة أخرى، لكن أن يختصر السلفيون المسافات ويلجأوا إلى عمل «خصومات» على بعض البضائع التى يتاجرون فيها، فهذا هو التمييز بعينه، وهذه «الرشاوى» بعينها، وقد كنا نلوم قديما على الإخوان والسلفيين لأنهم يلجأون إلى تقديم «الرشاوى» العينية «الزيت والسكر» للناخبين، وكان الإخوان يتهربون من هذه التهمة وينفونها، أما الآن فقد جاهر السلفيون بتقديم هذه «الرشاوى» الدينية من أجل تبديل هوية المظهر العام لسيدات مصر فى محاولة منهم لتبديد حرية الرأى والعقيدة لملايين الجوعى والمحتاجين.
يقول الخبر الذى كتبه الزميل كامل كامل فى موقع اليوم السابع «مع انتشار حملة «امنعوا النقاب» التى أطلقتها حملة «لا للأحزاب الدينية» منذ فترة، أطلق سلفيون حملة «دعم النقاب»، معلنين عن إجراء تخفيضات على عدد من السلع والمواد الغذائية والمواصلات والأدوية والكتب للسيدات المنتقبات لتشجيعهن عن ارتداء النقاب وتأييدهن، وأكد الشيخ سامح عبدالحميد، الداعية السلفى فى تصريحات، اليوم الاثنين، أن تفعيل حملة «دعم النقاب» بدأ فى بعض المستشفيات بعمل تخفيض على ثمن الكشف للمنتقبات، وبعض المدرسين احتذى بمثل هذا للطالبات المنتقبات. وقال «عبدالحميد» الفكرة ممتدة لعمل تخفيضات للمنتقبات بمحلات الأغذية ومحلات المفروشات وغيرها، للتشجيع على النقاب والدعوة للاحتشام والصيانة والحياء، وتابع: «الدستور والقانون يكفلان للمرأة حرية ارتداء النقاب، والنقاب لا يُعيق الفتاة عن التعلم فى المدارس والجامعات والعمل فى مختلف الوظائف»، وهاجم الداعية السلفى حملة «امنعوا النقاب» قائلاً: «القائمون على حملة منع النقاب يُخالفون الدستور والقانون وحقوق الإنسان، وقد فشلت حملتهم وفشل مؤتمرهم، ويُمكن توفير موظفات على بوابات المستشفيات والجامعات وغيرها للتأكد من شخصية المنتقبات اللاتى يدخلن هذه الأماكن».
المستشفيات، والمواصلات، والمحلات الغذائية ومحلات الأدوات المنزلية وحتى فى الدروس التعليمية، كل هذه الخدمات بالتخفيض لمن تلبس النقاب، وهنا تكمن الخطورة فى الأمر، فالقائمون على الحملة يهدفون إلى التوغل إلى جميع أركان المجتمع مستغلين حاجة الناس وجهلهم فى آن، وهو أمر ناهيك عن كونه «خسيس» لكنه أيضا «مجرّم» فلا يجوز لأى جماعة أو فئة أن تستغل الناس إلى هذه الدرجة مرسخين قاعدة التمييز الدينى والأيديولوجى فى وجود دولة تحترم نفسها وشعبها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة