إن كنت من متابعى هذه الزاوية، فمن المؤكد أنك تعلم تمام العلم أننى لم أكن من المبادرين باتهام «مصر» بالتورط فى مقتل ريجينى، بل إننى دافعت مرارا وتكرارا عن مصر فى ظل حملة الاتهامات دون دليل التى قادها بعض المغرضين وانساق فيها بعض النشطاء على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى، وتعلم أيضا أننى كشفت هنا عن مقدار الزيف الذى تبثه بعض وكالات الأنباء العالمية ومنها «رويترز»، وهو الأمر الذى أشار إليه وزير الداخلية بعد ذلك فى عدة مؤتمرات صحفية وبيانات رسمية، لكنى فى الحقيقة انتظرت كثيرا لتتعامل مصر مع هذه القضية بما يليق بها سواء على الجانب العملى أو الجانب الإعلامى، وللأسف كان الفشل حليفنا فى الجانبين، فمقدار الغباء الذى تعاملت به مصر مع هذه القضية صار غير محتمل، خاصة إن الوضع يزداد تأزما مع الوقت، ونبرات الهجوم على مصر تزداد حدة وقوة، والاحتمالات بأن القضية ستشهد موجة من التصاعد آخذة فى الارتفاع، وللأسف مازلنا نتحدث بكلمات لا تشفى ولا تغنى، ومازلنا أيضا واقفين فى ذات المربع، بينما العالم كله يتحرك وبقوة فى طريق اللاعودة، وقد كان السؤال قديما هو: من قتل ريجينى؟ ثم أصبح بفضل السياسة المرتبكة والتخبط الغامض عشرات الأسئلة.
تصريحات المسؤولين المصريين مازالت أيضا تدور فى دائرة الارتباك، وللأسف لا يفرق المسؤولون المصريون بين خطابهم الموجه للاستهلاك المحلى وخطابهم الموجه إلى العالم، ولعل آخر تصريحات السيد سامح شكرى وزير الخارجية سامح هى ما تؤكد هذا الأمر، فقد قال السيد وزير الخارجية فى المؤتمر صحفى مع نظيره البروندى إن التعاون مع إيطاليا فيما يخص التحقيقات فى مقتل الطالب الإيطالى جوليو ريجينى مستمرة، وملف التحقيقات لم يغلق وسيظل قائما، واصفا هذا التعاون بأنه «استثنائى» ونقوم به نظرا للعلاقات بين البلدين، وأضاف أن هناك كل الاستعداد لمواصلة هذا التعاون من أجهزة التحقيق المشتركة. وشدد شكرى على أن الجانب المصرى سوف يوافى الجانب الإيطالى بكل المعلومات، وقال إن هناك انفتاحا ورغبة، ليكون هذا الأمر له دلائل على الشفافية واستعداد أجهزة الأمن المصرية، للتعاون مع الجانب الإيطالى لتحديد الجناة، ولكن الأمر يستغرق وقتا طويلا، والتحقيقات فى مقتل النائب العام المصرى استغرقت عاما، ولابد أن تأخذ التحقيقات مجراها الطبيعى للوصول إلى حقيقة الأمر. هذا هو نص تصريحات وزير الخارجية المصرى، وكما قلت سابقا فإن مثل هذه التصريحات المرتبكة لا تدرك الحد الفاصل بين الخطاب المحلى والخطاب العالمى، فكيف يقول وزير الخارجية إن التعاون مستمر، فى حين أن العلاقات الدبلوماسية مقطوعة، وإلى متى سنتعامل مع العالم بنفس الطريقة التى نتعامل بها مع المصريين، بطريقة النفى والتمويه والتعويم والتسكين؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة