- برلمان خالٍ من البرلمانية
من مدهشات الوضع السياسى فى مجلس النواب هو هذه الحالة من الدوران حول الذات من دون فعل، وترك القضايا الرئيسية إلى الفرعية والإمعان فى اختراع ما هو موجود وتجاهل مهاو مفروض. دعك من كون التركيبة السياسية والحزبية فى البرلمان غير واضحة المعالم، ومن الصعب اكتشاف الخيط الفاصل بين تياراته واتجاهاته، لكن أيضا هناك فراغا ناتجا من غياب التحديد أو معرفة ماذا يريد السادة التواب.
انشغل عدد من نواب بمناقشة الرد على بيان الحكومة، وقرروا أن يواجهة مشكلات وشكاوى المواطنين مع الحكومة والمصالح الحكومية فاقترحوا إنشاء ديوان للشكاوى على طريقة أهل البلدة الذين أرادوا مواجهة كثرة الحوادث بسبب حفرة فى الشارع، وبدلا من أن يردموها اقترح بعضهم نقل الحفرة بجوار المستشفى أو إقامة محطة إسعاف بجوار الحفرة، ولم يفكر أحدهم فى ردم الحفرة التى هى السبب.
السادة النواب لم يفكروا فى سؤال الحكومة عن مشروع الحكومة الإلكترونية الذى يقضى على الكثير من الفساد والبيروقراطية، وهى مشروعات انتهى منها العالم قبل بداية القرن الماضى، لم يفكروا فى أصل الموضوع وهو البيروقراطية والتعقيدات الإدارية والنفسية والقوانين العتيقة التى لم تعد تناسب العصر ولا الظهر. لا يتحدث أى منهم عن انتهاء دور المدارس فى الثانوية العامة وخلوها من التلاميذ، مقابل ازدحام مراكز الدروس الخصوصية التى أصبحت واقعا. لم يلتفت أى منهم إلى كوارث الهجرة غير الشرعية وعشرات يغرقون يوميا بعد أن تحول الأمر إلى تجارة وعصابات.
دعك من أن النواب أنفسهم لم يلتزموا بمهمتهم ويزوغون من جلسات البرلمان وأنهم غير محددى الملامح لا تعرف يمينهم من يسارهم، ولا ماذا يريد كل منهم لا فرق هنا بين نائب فى أغلبية هلامية من نائب محسوب على كتلة حزبية. وهم غير قادرين على البقاء فى أى جلسة لأكثر من ساعة بعدها يخرجون إلى البهو أو إلى موبيلاتهم ليلعبوا فيها. ناهيك عن أن كل نائب أصبح يفضل الظهور على مواقع التواصل أو فضائيات المساء ليدلى برأيه الذى لا يقوله داخل البرلمان.
ثم إنهم بطريقة جمع التوقيعات من الوزراء لطلبات الناخبين يرسون قاعدة الحلول الموضعية الانتخابية ويتركون المشاكل على حالها. ونقصد أحوال الصحة والتعليم والأسعار وفساد المحليات والإدارات الهندسية واستمرار البناء المخالف على الأراضى الزراعية وغيرها من دون أن يكون هناك تفكير فى تشريعات أو خطوات لمواجهة كل هذا. النواب مشغولون بمميزاتهم وبدلات جلساتهم وسفرهم والاستعراض أمام التوك شو وليسوا جادين ولا مهتمين بما يجب أن يكون. والنتيجة أنه حتى الفرجة أصبحت غائبة. ويفضل إعادة البث لجلسات الموقر حتى تكون هناك فائدة ولو على سبيل التسلية. والنتيجة أنه أصبح مملا خاليا من البرلمان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة