لا أدرى إلى متى ستظل الدوله تمارس سياسة المهادنة واليد المرتعشة، مع الجماعات التى تنتهج العنف، ويأخذون من فكر هدم الدولة وإشاعة الفوضى طريقا ونهجا لدعوتهم، وعلى رأسهم "حركة الاشتراكيين الثوريين" الذين يتبنون الفكر "الأناركى" المتطرف، وأعلنوا أول أمس انضمامها للاحتجاجات التى دعت إليها عدد من القوى، ضد تنازل الحكومة المصرية عن جزيرتى تيران وصنافير، إلى المملكة العربية السعودية، داعية كل القوى السياسية المناضلة للانضمام للاحتجاجات ضد ما أسمته "إهدار حقوق الشعب المصرى المهدرة لصالح نظام الرجعية السعودى الذى قاد الثورة المضادة ضد ثورات الشعوب فى المنطقة".
الغريب أن تلك الفئة من الشباب قد ظهروا مع بداية ثورة يناير 2011، حيث دعوا صراحة إلى هدم الدولة المصرية، وإشاعة الفوضى بين الناس فى الشوارع كلما هدأت الأوضاع، وشاركوا علنا فى أحداث شارع محمد محمود ومجلس الوزراء، وغيرها من أحداث العنف التى شهدها الشارع المصرى عقب 25 يناير 2011.
وقد أكدوا ذلك من خلال مدونة قاموا بنشرها على مواقع التواصل الاجتماعى تسمى "مدونة وثائق أناركية" تضمنت تعليقات الشباب المنتمى للفكر الأناركى، وأكدها تسجيل وضعته وزارة الداخلية المصرية فى ذلك الوقت على موقعها أثناء حكم المجلس العسكرى، لشخص منهم ـ ذكرته بالاسم ـ خلال حديثة فى ندوة نظمها مركز الدراسات الاشتراكية، عقب مذبحة شارع محمد محمود، تحت عنوان (أى طريق للثورة) قال فيه بالحرف الواحد: "إنهم يريدون إسقاط الدولة لبناء دولة الثورة الجديدة، وأن المجلس العسكرى لا يحمى مصالح الشعب المصرى بل يحمى مصالح الألف عائلة الأغنى فى مصر، ومصالح البنتاجون والإدارة الأمريكية والصهيونية".
وكان الغريب فى الأمر والمستمر حتى الآن أن الحديث عن هذا الفكر قد بدأ بعد أحداث مجلس الوزراء، أى منذ 5 سنوات تقريبا، وتحديد عندما فشلت كل محاولات التهدئة بين المجلس العسكرى والمعتصمين أمام مجلس الوزراء، حينما كان التصلب والتشدد فى المواقف هو المسيطر على أداء المتظاهرين والمعتصمين، بالحديث تارة عن دم الشهداء، وتارة أخرى عن ضرورة نقل السلطة لمجلس مدنى.
وحينما حدث أول صدام مع المجلس العسكرى فى ذلك الوقت، كان الرد بإشاعة فوضى كبيرة وعارمة انتهت بحرق المجمع العلمى، على الرغم من السؤال الذى طرحه الجميع فى هذا الوقت عن السبب وراء لهجة التشدد وتحول موقف المتظاهرين من السلمية إلى العمل العنيف والفوضى، على الرغم من تأكيد المجلس العسكرى التزامه بتسليم السلطة للمدنيين، وهو ما أرجعه الكثيرون فى ذلك الوقت إلى وجود (الأناركيين) فى الميدان.
ولا أدرى سببا للسكوت كل هذه الفترة على استمرار أصحاب مثل هذا الفكر المتطرف، على الرغم من تأكيد الخبراء أن (الأناركية) هى (حركة سياسية تقوم على مبادئ اللاسلطوية وإزالة سلطة الدولة المركزية، والانضمام طوعا مع عدد من الجماعات القريبه منها فى الفكر، لتخلق شبكة من المنظمات المستقلة المتعاونة فيما بينها لإدارة المجتمع بعد سقوط الدولة.
ولعل الأغرب فى صمت الدولة على أصحاب هذا الفكر، أن معتنقوها أنفسهم، أكدوا صراحة، أن حركتهم لا تعترف بالنصوص المقدسة، وأنها مشروع أممى معاد لكل الحركات السياسية القائمة على أساس قومى أو دينى أو عنصرى، يهدف لتحرير كل البشر، ولا يعترف بشرعية أى حدود جغرافية أو انفصالية بسبب اختلاف قومياتهم أو ديانتهم أو ثقافاتهم أو أجناسهم أو أعراقهم أو لغاتهم، وأن الحل لمعظم مشكلات البشرية، لابد أن تقوم على بناء مجتمع لا سلطوى.
ولا أدرى كيف السكوت على هؤلاء؟ على الرغم من أن فكرهم ينشد مجتمع تتعاظم فيه الحرية الفردية، وتنتفى فيه السلطة بكل صورها، ويعلنون أنهم لا يؤمنون بدولة قوميَّة ولا عربيَّة ولا شيوعية ولا رأسمالية، ويكفرون بكل مؤسسات الدولة، وما يُوحدهم هى الجماعة الثوريَّة فقط، والاستمرار فى الحالة ثورية بشكل مستمر.
الغريب أن الاشتراكيين الثوريين ظهروا، ومازالوا ويظهرون فى العلن فى عشرات المناسبات والأحداث، ولازالت الدولة تتعامل معهم طوال كل هذه السنوات بمبدأ المهادنه دون مبرر، على الرغم من ان افكارهم لا تقل خطورة عن داعش والقاعدة، وهاهم يظهرون من جديد من خلال بيان تم نشرة على عدد من المواقع الإخبارية، يدعون فيه علنا لمظاهرات جديدة، من أجل تنفيذ افكارهم الداعية الى (هدم وإسقاط الدولة، وإشاعة الفوضى فى البلاد من جديد).
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة