هل تحقق ما أراده الرئيس السيسى من كلمته أمام الإعلاميين والبرلمانيين والنقابيين فى الحوار المجتمعى الذى جرى بالأمس..؟ وهل هدأ واقتنع الرأى العام بتوضيحات الرئيس وشرحه لملابسات ما تم بشأن قضية «صنافير وتيران» وتوقيع اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين المملكة العربية السعودية ومصر..؟
أظن أن هناك الكثير من الذين أصابتهم الحيرة والدهشة من مفاجأة التوقيع خلال الأيام الأربعة الماضية، وهم من الذين يثقون فى وطنية الرئيس وفى أجهزة الدولة السيادية الأخرى وفى جيش مصر هدأت نفوسهم وتبدد قلقهم وانزعاجهم بعد أن استمعوا إلى حديث الرئيس حول الجزيريتين فى حضور القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع، ورئيس جهاز المخابرات العامة.
وأظن أيضا أن حديث الرئيس حول الجزيرتين لن يعجب آخرين وسيبقون على مواقفهم رافعين شعارات «التار ولا العار ياولدى» حتى لو بدا لهم كلام الرئيس مقنعا ومنطقيا وبه الكثير من اعتبارات الأمن القومى وحسن تقدير للموقف السياسى فى هذه المرحلة.
الثقة والوضوح والشفافية والصراحة والهدوء الذى كان يتكلم به الرئيس تؤكد أنه مطمئن للموقف وواثق من تفهم وقبول الرأى العام لقصة ترسيم وتعيين الحدود البحرية مع المملكة. لكنه فى الوقت نفسه- وهذا هو المهم واللافت– أكد احترامه لمؤسسات الدولة، فرغم الاتفاق والتوقيع المبدئى على تعيين الحدود، فإن الرئيس أكد أنها ستعرض على البرلمان المصرى وفقا للدستور، وهنا دور البرلمان سواء بالموافقة أو الرفض بعد القيام بالدراسات الفنية والقانونية اللازمة.
لكن رغم توضيح الرئيس للموقف من الجزيرتين فإن بعض كلماته كانت تلمح إلى أن الإسراع فى توقيع الاتفاقية وإعادتهما للسعودية، يعنى أن معلومات ربما قد توفرت للدولة المصرية بأجهزتها معلومات بأن هناك ترتيبات فى المنطقة يتم إعدادها فى تل أبيب وبموافقة أمريكية بشأن «كامب ديفيد» وإعادة النظر فيها، ووضع إسرائيل يدها على الجزيرتين مع التصريحات الخاصة بإعادة النظر فى وجود قوات حفظ السلام الدولية فى سيناء..؟ هل إعادة الجزيرتين للمملكة هو إنقاذ لأرض عربية كادت أن تضيع وتبتلعها إسرائيل إلى حين الفصل فى قانونيتها.
ما بدا لافتا وجود عدد من أساتذة القانون الدولى منهم الدكتور مفيد شهاب أحد مهندسى مفاوضات طابا مع إسرائيل وأحد الخبراء الكبار فى القانون الدولى لإضفاء الشرعية القانونية على حديث الرئيس بشأن الجزيرتين.
الحديث ربما كان مطمئنا رغم تحفظنا على سيناريو الإخراج للملف برمته، واستغلال قوى الشر والخراب لصمت أجهزة الدولة عنه طوال فترة دراسته رغم تناوله فى وسائل الإعلام السعودية، بغرض تهييج الرأى العام ضد قيادته وأجهزة دولته وإحداث الانقسام والفتنة.
من هنا أسمى حوار الرئيس أمس بأنه «حوار وأد الفتنة» وإطفاء النيران المشتعلة والتى كان يجب عدم إشعالها منذ البداية بالإسراع فى توضيح الأمور والتمهيد للرأى العام فى مصر بملابسات وتداعيات القضية.
نقاط كثيرة تضمنها حديث الرئيس لقوى المجتمع المختلفة خلال الاجتماع ربما أهمها حديثه عن «الانتحار القومى» وهو حديث فى غاية الخطورة إذا كان المصريون قد بلغوا هذا الحد من إيذاء الذات وجدلها وفقدان الثقة فى القيادة وفى كل شىء يحدث على الأرض والتقليل من أى إنجاز وعمل وجهد. فهناك خلل فى التربية والسلوك والثقافة المصرية التى تشوهت وانحدرت فى العقود الماضية بعيدا عن قيم الوطنية والثقة فى الذات المصرية.
ثم حديثه للشباب صراحة بالاستعداد لانتخابات المحليات إذا أردنا مواجهة الفساد والقضاء عليه. فدودة الفساد تسكن فى أصل شجرة المحليات والحرب عليه ومواجهته تبدأ من تطهير جسد الدولة المترهل فى المحليات التى انتشر فيها الفساد كالسرطان. وهذه دعوة واضحة وصريحة من الرئيس للشباب للسيطرة على المحليات.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة