قد كذب الذين قالوا إن السينما مجرد قوة ناعمة، أو أنها مجرد ترفيه لا يستحق عناء الجادين، أو أنها مجرد رقصة وأغنية وشوية مهرجين أو مشخصاتية، كذب كل هؤلاء أو ربما هم ليسوا كاذبين ولكنهم جاهلون بما يمكن أن تمثله السينما فى مجال الاقتصاد والمال.
ودعنى أعرض الأمر فى صورة أرقام لعل الكاذبون أو الجاهلون بالأرقام يتخيلون المسألة كما واقعها, فمنذ شهور أعلن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء أن دخل مصر من قناة السويس فى خلال العشر سنوات الأخيرة هو 47 مليار دولار مما يعنى أن متوسط دخلها 4.7 مليار دولار سنوياً، أما موازنة مصر فى عام 2014 كما أعلنتها الحكومة فهى 267 مليار دولار.
فيلم سوبرمان يواجه باتمان تكلف 250 مليون دولار وحصد فى أسبوعه الأول 422.5 مليون دولار، بينما وصلت ايرادته حتى الأسبوع الأول من أبريل إلى 783.5 مليون دولار ومن المنتظر أن يتعدى دخله فقط من العرض السينمائى لمليار دولار. بس خلاص لو أنك تفطن لما أريد أن أشير إليه، أما لو أنك تساءلت وما العلاقة بين دخل مصر القومى ودخل قناة السويس وفيلم أمريكى بلا قيمة فنية عالية، فببساطة على أن أقول لحضرتك إن الأفلام حتى التى لا تحمل قيمة فنية عالية لو أُحسن صنعها وتسويقها تستطيع أن تأتى بأموال كمصادر الدخل القومى....بس خلاص....
فيلم سوبرمان يواجه باتمان فيلم تبدأ أحداثه من حيث انتهت أحداث فيلم رجل الحديد أو Man of Steel حين واجه سوبرمان رجل الحديد وتم تدمير هائل بسبب هذه المواجهة وهنا تبدأ أحداث الفيلم حيث نرى رجل الأعمال الشهير والملياردير الذى يقوم بدور باتمان يرى أن سوبر مان شرير بينما يرى آخرون أن سوبرمان هو البطل الذى ينتظروه لإنقاذ الضعفاء ويدخل على خط الصراع رجل أعمال شاب مهووس بالتدمير أصوله ليست أمريكية ويحاول أن يوقع بين باتمان وسوبرمان وتتم المواجهة ولكنهما يكتشفا الخديعة فيتعاونان فى القبض على الشرير ويقتلان الكائن الوحشى الذى صنعه ولكن يموت سوبرمان فى هذه المواجهة بقذيفة نووية من الجيش الأمريكى الذى يراه مصدر شر.
القصة تبدو كحكايات ألعاب الكومبيوتر الحديثة بشخوصها وأشكالهم وحتى حربهم وصراعهم ,ولمَ لا ونحن فى عصر يحول كل واقع أو خيال للعبة على الكومبيوتر، ولكن ربما الشىء الوحيد الجديد فيها هو لقاء سوبرمان وباتمان فى فيلم أو حدث واحد، أما وإننا فى عصر التكنولوجيا المتطورة فلا شىء يبهرك حقاً فى هذا الفيلم مقارنة بأجيال كانت تُعرض لهم فيها فيلم مثل حرب الكواكب أو الفك المفترس، السيناريو يبدو بطيء الملامح فى الجزء الأول من الفيلم بل يصعب أحيانا على المشاهد رسم العلاقات، ثم يأتى النصف الثانى أكثر سرعة وبالتأكيد لا وجود للاهتمام برسم تاريخ أو ملامح شخصية للأبطال إلا من خلال حكاية كل منهم عن والده وأحلامه لابنه.
ورغم أن أغلب النقاد فى أمريكا هاجموا هذا الفيلم ورأوه بلا قيمة فنية كبيرة إلا أن الجمهور سانده بالإيرادات حتى أنه يُعد حتى الآن رابع الأفلام فى تاريخ السينما من حيث حصده لشباك التذاكر.
وهذا يطرح سؤلاً وهو لماذا يتكالب المشاهدون فى كل أرجاء الدنيا لمشاهدة هذا الفيلم رغم أنهم فى عصر لم تعد فيه تكنولوجيا 3D تبهره بل يبحث عن إبهار أكبر ؟ وللحق ليس هناك من إجابة لدى إلا أن فكرة السوبرمان سواء كان يرتدى رداء أحمر أو أسود وتحقيقها بالصورة هى حلم المشاهد فسيتابعها فى أى سياق.
وعود على بدء لماذا لا ننتج خمس أو ست أفلام بطلهما هما سوبرمان وباتمان ونصبح بهم على مصر.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة