هل انتهى ملف «تيران وصنافير»؟.. حسم الرئيس عبدالفتاح السيسى الجدل المثار حول وضع جزيرتى «تيران وصنافير»، وقال إن الأمر سيكون بيد البرلمان الذى سيعرض عليه اتفاق تعيين الحدود المصرية السعودية الذى أعاد الجزيرتين للسعودية.
وبعيداً عن هذا الجدل فقد حاولت خلال الأيام الماضية أن أستكشف الأمر من أصحابه، ومن شخصيات لا تزال على قيد الحياة وشاركت فى الأحداث التى كانت الجزيرتين محل بحث خلالها، وكان لافتاً لى اتفاق هذه الشخصيات التى أقدرها على صحة ما ذهبت إليه الدولة المصرية تجاه الجزيرتين، وأنهما سعوديتان وإن اختلفت حول توقيت الإعلان.
من مجمل ما سمعته أنه مع اندلاع حرب فلسطين عام 1948، قامت إسرائيل باحتلال مساحة عرضها كيلو متر عند خليج العقبة، ونتج عن ذلك أن إسرائيل أصبحت مطلة على الخليج، وحينما علم ملك السعودية وقتها الملك عبدالعزيز آل سعود بالنوايا الإسرائيلية فى احتلال الجزيرتين لتكون إسرائيل دولة من دول الخليج، كتب الملك عبدالعزيز إلى ملك مصر الملك فاروق الأول قال له أنه يخشى من تهديد الكيان الصهيونى باحتلال الجزيرتين، وبالتالى فإنه يطلب من مصر احتلال الجزيرتين ووضع قوات عليها، فأمر الملك فاروق بوضع فصيلة من حرس الحدود على جزيرة تيران، واستمر هذا الوضع إلى أن احتلت إسرائيل الجزيرتين فى العدوان الثلاثى عام 1956، وبعد ذلك احتلتهما عام 1967، وحينما انخرطت مصر وإسرائيل فى مفاوضات السلام برعاية أمريكية، تم توقيع الاتفاق الذى أخذ فى حسبانه الحدود المصرية الموضحة فى اتفاق 1906 بين مصر والدولة العثمانية التى كانت تسيطر وقتها على الجانب المواجه لسيناء وفلسطين، وتحديداً منطقة الحجاز، ولم يتطرق اتفاق 1906 لوضع الجزيرتين لأنهما كانتا خاضعتين للسيطرة العثمانية ولم يضعها اتفاق 1906 ضمن الحدود المصرية.
وأثناء التفاوض قالت إسرائيل أنها تريد تأمين نفسها فى مواجهة النوايا المصرية، حينما يسود السلام، وطلبت ضم الجزيرتين للمنطقة «جـ» منزوعة السلاح والتى لا يسمح بالتواجد عليها سوى لشرطة مدنية فقط إذا ما رغبت مصر فى ذلك لمكافحة التهريب، وفى نفس الوقت لكى يكون الممر مفتوحا باعتباره ممراً دولياً، وتم الاتفاق على ذلك ووقعت مصر وإسرائيل الاتفاقية.
وحينما طلبت السعودية من مصر عام 1988 استعادة الجزيرتين ردت مصر بأن استعادة الجزر معناها موافقة المملكة على الالتزامات المصرية الواردة باتفاقية السلام مع إسرائيل سواء تجاه المجتمع الدولى أو تجاه إسرائيل، فكان رد المملكة أنه لا مشكلة لديها فى ذلك، وأرسل وزير الخارجية السابق الأمير الراحل سعود الفيصل خطاباً لوزير خارجية مصر الأسبق الراحل عصمت عبدالمجيد، قال له إن الرياض تطلب من القاهرة تسليمها الجزيرتين أو على الأقل الاعتراف بسيادة السعودية عليهما، فتم عرض الأمر على مجلس الوزراء مشفوعاً برأى الدكتور مفيد شهاب، خبير القانون الدولى الذى أكد أن مصر استخدمت الجزيرتين بشكل مؤقت، وبناء على ذلك صدر القرار الجمهورى فى 1990 بتخطيط الحدود المصرية، وفى هذا القرار خرجت الجزيرتان من الحدود المصرية.
الأمر الآخر أن هناك احتمالات لاكتشافات بترولية فى البحر الأحمر، وبالتالى كان من الضرورى تعيين الحدود لكى تستطيع مصر استغلال المنطقة الاقتصادية الخاصة بها فى البحر الأحمر، لأنه بدون تعيين الحدود البحرية، فمن حق السعودية الاعتراض على أية عمليات تنقيب من جانب مصر فى البحر الأحمر.
هذه هو الرأى الذى استمعت إليه من أهل الثقة، والذى أكد لى صحة موقف الدولة المصرية، والسؤال الآن هو لماذا كل هذه الضجة المثارة، فمصر محاطة بمجموعة من الأعداء ولنا مشكلة مع إسرائيل ومع الفلسطينيين والإثيوبيين وبالتأكيد مع السودان، وهناك مشكلة محتملة مع دول الهضبة الاستوائية «تنزانيا وكينيا وأوغندا»، فضلاً على تهديد مباشر على حدودنا الغربية من دولة سقطت وأصبحت فاشلة اسمها ليبيا، فهل هناك رغبة مصرية فى فتح جبهة جديدة ونزاع حدودى جديد مع دولة شقيقة اسمها السعودية؟.
بالتأكيد هناك أصحاب مصلحة فى توتير العلاقات بين القاهرة والرياض، ويحاولون سكب الزيت على النار، ويحاولون استخدام ملف الجزيرتين للهجوم على الرياض.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة