أذكر أن المهندس إبراهيم محلب قال وقت أن كان رئيسًا للوزراء، إن مصر الآن أصبحت منطقة عمل مفتوحة، وكان يشير بهذا القول إلى المشروعات التى يتم تنفيذها، والأخرى التى مازالت على الورق، لكنها وطبقا لكلام المسؤولين ستكون قيد التنفيذ.
كان «محلب» بقوله ينقل الحالمين بفرصة عمل إلى أن تكون أحلامهم واقعًا حقيقيًا، فترقب العاطلون الفرصة، لكن يومًا بعد يوم لم يجدوها، فتواصلت مأساة البطالة التى يعانى منها ملايين الشباب الذين تخرجوا وتحولوا إلى طاقة مهدرة، بدلًا من أن يكونوا ثروة حقيقية، ولا يوجد هناك فرق فى ذلك بين الحاصلين على مؤهل عالٍ، وحاملى الماجستير والدكتوراة، وهؤلاء لم يعد أمامهم إلا التظاهر الآن من أجل الحصول على فرصة عمل تليق بهم، وبالسنوات التى أنفقوها فى التحصيل العلمى الذى يميزهم عن غيرهم.
أقول هذا الكلام بمناسبة ما يتردد من البعض من اتهامات بأننا شعب لا يعمل، وبالتالى لا ينتج، وأن الشباب يفضل الراحة على العمل، وفى اليومين الماضيين قابلت بالصدفة اثنين من المسؤولين، قالا هذا الكلام لى بكل قناعة، ولما قلت لهما: «طيب وفورا فرص العمل أولًا، ثم حاسبوا الناس ثانيًا»، فرد أحدهما: «لو الشخص بحث عن فرصة عمل هيلاقى».
فى هذا المقام، سيكون من قبيل التكرار الذى لابد منه، أن هناك دولًا متقدمة تماثلنا فى عدد السكان، وأقل من مساحة مصر بكثير، لكنها لا تعانى بنفس القدر مما نعانيه من بطالة وقلة الإنتاج، ولن نجد فيها اتهامات للناس بأنها لا تعمل، لأنها دول تضع لنفسها خطط إنتاج، ومع تدافع التقدم الاقتصادى فيها، سنجد حيوية سياسية تتجسد فى تداول السلطة بين الأحزاب، ونزاهة وحرية فى الانتخابات، والحكومة التى تقدم برنامجًا اقتصاديًا ثم تفشل فى تحقيقه يستطيع الشعب أن يحاسبها بكل حرية، فيسقطها فى الانتخابات، فهل لدينا شىء من هذا؟، هل انتخبنا البرلمان وفقًا لبرامج سياسية واقتصادية طرحها مرشحو الأحزاب؟
الحديث عن أن الشعب لا ينتج، وأنه يفضل الراحة على العمل هو شهادة قاطعة تؤكد فلس الذين يطرحونه، وتأكيد على أنهم لا يملكون أى برامج حقيقية لتشغيل العاطلين، وليس لديهم برامج حقيقية للتنمية التى يجنى ثمارها عامة المصريين.
فى كل بيت مصرى الآن ستجد شابًا واثنين وثلاثة يبدأون صباحهم يوميًا باللف والدوران للبحث عن فرصة عمل دون جدوى، ستجد من بين هؤلاء من نجح بتفوق فى كليات عملية، ويجلس عاطلًا منذ سنوات، أعرف شبابًا نجحوا فى كليات العلوم والهندسة على سبيل المثال بتقديرات جيد جدًا وامتياز، وفى تخصصات علمية نادرة، ومنهم من يعمل فى محل كشرى، وآخر يعمل فى وردية بمصنع كعامل أمن.
وأقدم هؤلاء على هذا العمل بعد أن لفوا وداروا على شركات، وتقدموا بأوراقهم لمسابقات، ولم يسأل فيهم أحد، ويحدث ذلك فى وقت يضمن فيه أبناء أصحاب النفوذ فرص عمل لهم، ولا يهم فى هذا المقام إن كان حصل على شهادته بتفوق أم لا، فشهادته الحقيقة أنه ابن فلان، أو قريب علان.
على المسؤولين الذين يتهمون الشعب المصرى بأنه لا يحب العمل أن يسألوا أنفسهم أولا: هل قدمتم خطة إنتاج ونهضة للشعب ولم ينفذها؟، هل وضعتم خطة للنهوض بالعاملين فى أماكنهم؟، هل شيدتم مصانع ومزارع كى تستوعب كل الراغبين فى العمل الحلال؟
اتهام الشعب بأنه لا يحب العمل، لا يختلف فى شىء عما كان مبارك يقوله للذين يطالبونه بحل مشكلة البطالة: «بطلوا تخلفوا عيال كتير».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
1
1
عدد الردود 0
بواسطة:
مش مهم
القياس خاطئ
عدد الردود 0
بواسطة:
زيكو
من قتل طموح الشباب فى مصر ؟