الدولار يواصل صعوده الجامح فى السوق السوداء، وشركات الصرافة تعبث كيفما شاءت فى سعر العملة المحلية مقابل العملة الأمريكية. والحكومة ورغم إجراءات البنك المركزى المصرى طوال الشهور الماضية لضبط أسعار الصرف فى السوق المحلى ووضع ضوابط مشددة على شراكات الصرافة، مازالت تقف حائرة أمام أزمة الدولار وتأثيراته على الوضع الاقتصادى الداخلى وأسعار السلع الاستهلاكية وعمليات الاستيراد من الخارج. وعلى حركة تدفق الاستثمارات الأجنبية.
سعر الدولار وصل بالأمس، حسب الغرفة التجارية، فى السوق الموازية إلى 10 جنيهات و40 قرشا ومرشح للصعود والزيادة نتيجة نقص المعروض من العملة الصعبة وتزايد طلبات المستوردين.
البنك المركزى بذل جهودا كبيرة فى الفترة الماضية وطرح عطاءات دولارية إلى السوق، ومع ذلك فالسوق السوداء تسير فى دروب غير معلومة ويقودها المضاربون من تجار العملة والراغبون فى زيادة سعر العملة إلى أكثر من ذلك لضرب الاقتصاد المصرى. ولم تنجح جهود المركزى فى كسر احتكار السوق السوداء وضرب شركات الصرافة بلجوء المستوردين للحصول على الدولار من البنوك، لكن لم يحدث ذلك إلى الآن.
المسالة واضحة ولا تتعلق بعمليات تجارية وحسابية وإنما تجاوزت إلى حرب اقتصادية مكشوفة أشبه بحرب العملات ضد مصر من المتربصين بها ومحاولة خنق الاقتصاد المصرى من الداخل بالمضاربات أو من الخارج بشراء الدولار من العاملين بالخارج وهو ما كشفت عنه الأرقام الأخيرة الصادرة عن البنك المركزى بتراجع تحويلات المصريين بالخارج إلى مصر.
فهل هناك حلول أخرى وبدائل قوية لضرب السوق السوداء ومواجهة الحرب الاقتصادية الرهيبة ضد مصر؟
وهل يمكن أن تقرر الدولة ممثلة فى البنك المركزى إغلاق شركات الصرافة واقتصار التعامل مع البنوك؟
وهل يمكن للبنوك أن تنشئ شركات صرافة يتم التعامل من خلالها لضبط سوق الصرف؟
المنطق يقول فى الحالة الاستثنائية التى يمر بها الاقتصاد المصرى أن البنوك عليها الإسراع فى ذلك وأن على الحكومة إغلاق هذه الشركات ولو بشكل مؤقت إلى حين العبور من الأزمة.
وهذا ليس رأيى فقط وإنما هو رأى التجار والمستوردين، فبلغت الأرقام هناك فى مصر 111 شركة صرافة يتبعها 440 فرعا تم إغلاق مؤخرا 5 شركات بفروعها الـ44، ومع ذلك فهى تدبر حوالى %70 من احتياجات السوق من العملة.
فى حين أن هناك 38 بنكا فى مصر يتبعها 4 آلاف فرع لا تدبر من احتياجات الدولار سوى %30. وهنا نسأل لماذا لا تنشئ البنوك التجارية شركات صرافة تابعة لها فى ظل وجود هذا العدد من البنوك والفروع التابعة لها، وهو ما قام به من قبل بنك مصر، مع منحها العديد من المزايا والصلاحيات.
المقترحات كثيرة فى هذا الإطار، فالدولة مطالبة بوضع أسعار تشجيعية لجذب الدولار من المصريين العاملين بالخارج ووضع سياسات محفزة تشجع على دخول الدولار، بحيث يكون هناك سعر أعلى من المعروض خاصة لتحويلات المصريين حتى يستفيد منها الاقتصاد المصرى.
اقتراح آخر بالتوسع فى إنشاء فروع للبنوك المصرية فى الخارج وتوسيع شبكة الجهات المصرفية الأجنبية التى تتعامل مع البنك المركزى لجذب وتجميع وشراء مدخرات وتحويلات المصريين العاملين بالخارج وبأسعار تشجيعية حتى لا نترك الفرصة لجماعات الظلام بتجميعها بطرق غير شرعية والمضاربة بها داخل مصر.
المسألة تحتاج إلى قرارات استثنائية شجاعة فى ظروف استثنائية ايضا تحيط بالاقتصاد المصرى فى هذه المرحلة الصعبة. وإغلاق شركات الصرافة وإنشاء شركات تابعة للبنوك هو إجراء مطلوب لمواجهة قوى الشر التى لا تريد الخير أبد لمصر.