منذ بدء الخليقة والإنسان يلهث وراء القوة، كانت البداية مع "النياندرتال"، أو ما يعرف بإنسان الكهف والذى لم يعرف عن القوة سوى النوع البدنى منها، فهى مصدر قوت يومه، وأيضا مصدر لنيل كل ما يشتهيه، ومع تطور الأزمنة واختلاف الحقب التاريخية تغيرت مفاهيم القوة، وأصبحت "الحيلة" هى القوة الأكبر، انها قوة العقول والتى تُعادل القوى البدنية عشرات المرات، وان كان عقلك لا يصدق ما أقوله، فادعوك كى تتعمق فى تاريخ الحروب الحديثة والتى تبرز نجاح اجهزة المخابرات فى ما فشلت فيه الدبابات والصواريخ.
لماذا هذا السعى الحثيث وراء القوة؟
نيكولو ميكيافيلى، هذا الفيلسوف الإيطالى صاحب أشهر الكتب السياسية "الأمير"، اجاب بطريقة غير مباشرة عن هذا التساؤل بعبارته الأشهر "الغاية تبرر الوسيلة".
أعلم جيدا عزيزى القارئ ما يدور فى ذهنك الآن ؟!؟!؟!
تسأل نفسك إذا كنت أقصد بالوسيلة "القوة"، فما هى الغاية؟
الغاية من القوة هى إشباع روح الأنانية المتأصلة بداخلنا فالإنسان كائن أنانى بطبعه، فى البداية تسعى إلى القوة التى تحميك من بطش الظالمين، ثم تسعى إلى القوة التى تعزز من مركزك والتى تبعدك من الأصل عن دائرة بطش الظالمين، وفى النهاية تسعى إلى امتلاك القوة الكافية لتحويلك إلى احد هؤلاء الظالمين !
تسعى إلى القوة التى تُشبع انانيتك الإنسانية فى امتلاك أى شىء وكل شىء، حتى وان كان ليس من حقك، قليلون من يستطيعون كبح جماح قوتهم حتى لا تؤذى الآخرين، موهبة لا يمتلكها إلا النخبة، والتى تتفهم جيدا خطورة هذه القوة عليهم قبل غيرهم، ان لم تستطع ان تُبعد قوتك عن رقاب الآخرين، فتأكد ان رقبتك هى اولى الرقاب المتطايرة.
"وما الدنيــــا إلا مســــرح كبيــــر" هكذا كان لسان حال عبقرى المسرح العربى "يوسف بك وهبى "
مسرح كبير لمسرحية كلاسيكية بطلها يتحول من الضعف إلى القوة من خلال احداث تصور لك انتصار الخير على الشر، فكرة تهدف إلى زرع الأمل بداخلك، ولكنك نادرا ما تجد منها ما يتعمق داخل هذا البطل كى يطمئن قلبك إلى عدم تحول هذا البطل إلى ظالم غير متحكم فى شرور قوته بفعل ما تعرض له من احداث قاسية قد تكون قد تغلبت على ايمانه فى لحظة ضعف !
انظر إلى نفسك، ستجدها فى موقف القوى تارة وفى موقف الضعيف تارة اخرى على حسب الموقف وعلى حسب الشخص الذى تتعامل معه، تذكر جيدا أن القوة والضعف كفتى ميزان حياتك، حين تستخدم قوتك لإيذاء الغير، تأكد انك ستجلس مكانه يوما ما، من اجل تحقيق العدالة وتعديل كفتى الميزان.
المال والسلطة والجاه والنفوذ والسلاح وغيرها من أنواع القوى، سبب وجودها اختبار من الله عن مدى قوة ايماننا وثباتنا وكبح جماح أنانيتنا الإنسانية، القوة الحقيقية هى ان تنصر الضعيف بقوتك مهما كانت درجة معرفتك به، هى ان تنتصر للحق وان كان على حساب نفسك أو على حساب اقرب الناس إليك هذه الأفعال فقط هى من ستجعلك الأقوى.
ورقة وقلم - أرشيفية
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة