الكاتب الكبير محمد المخزنجى كان أول المفصحين عن استيائهم بإعلانه اعتزال هذه اللقاءات بعد أن شعر بأنها تحولت إلى مكلمة، وقال المخزنجى فى إحدى مقالاته، إنه اعتذر ذات مرة حينما عرف أسماء المدعوين وعددهم، فثمة قناعة رسخت عنده هى أن دعوات موسعة لعدد كبير من الناس لتبادل الآراء يرجح فيها احتمال إهدار كثير من الطاقة والوقت، دون الحصول على نتائج مجزية من مثل ذلك اللقاء، قائلا "خاصة عندما يكون المدعوون ممن يحملون لقب "المثقفين"، وقد حضرت من قبل لقاءات جعلتنى «أفر» من أخذى بسيف الحياء، وسفح طاقة صبرى المحدود على مثل هذه "المَكْلَمات"، وبصراحة، لم يكن المسئول عن هذا الانطباع السلبى لدى هو الرئيس، بل "المثقفون"، ويؤكد المخزنجى أنه لم يكن ليستجيب للدعوة للقاء الرئيس هذه المرة إلا لشعوره بالمسئولية الوطنية بعد تنامى الاعتداءات الإرهابية على جنودنا، لكن استجابته هذه كانت سببا للندم فيما بعد إذ يقول "فقد انفتحت "المَكْلَمة"، واستهلك ربع المتكلمين معظم الوقت، فلم يتكلم ثلاثة أرباع الحاضرين، برغم أن الرئيس تنازل عن افتتاح اللقاء باختزال كلمته فى دقيقتين، قائلاً إنه يريد أن يسمع منا لا أن نستمع إليه، وكان طبيعياً فى الربع ساعة الأخير أن يُعقِّب الرئيس، وفى رأيى أن حديثه كان منطقياً وأكثر واقعية من التنظيرات الطويلة لبعض الحضور، وكان أكثر صدقا وهو يتواضع "ممكن يبقى عندى أخطاء لكن باحاول أصلحها"، وأكثر إمساكاً بجوهر الأمور وهو يقر بأننا "بلد فقير" وأن "تحديات مصر عميقة"، كان أفضل أداء من بعض "المثقفين" الذين كأنما كانت أغلى أمانيهم أن يعلنوا "نحن هنا" وفى نهاية المقال يؤكد المخزنجى أنه اتخذ قرارا بألا يحضر مثل هذه اللقاءات الجماعية مرة أخرى برغم تقديره للرئيس رغبته فى الاتصال بالمثقفين.
السيناريست "وحيد حامد" هو الآخر لم يكتم تأففه من هذه اللقاءات التى يفسدها ما أسماهم بـ"ملوك الكلام" الذين يقولون كلاما لا يفيد إذ قال فى حديثه لصحيفة الأهرام "حين كنا فى الصالون قاعدين فى انتظار الرئيس، نظرت فوجدت ملوك الكلام موجودين، كلهم أساتذة كبار، كنت أتوقع أن أسمع منهم ما يفيد أو على قدر قاماتهم.. فلم يحدث" واستمر "حامد" شرح المآخذ التى يأخذها على المتحدثين قائلا: يستهلكون الوقت كله فى ترديد كلام مكرر، وبعضهم يظل يخطب خطب عصماء فى التاريخ والوعظ، وهو الأمر الذى أدى إلى اقتراح أحد الحاضرين على حامد بأن يتركوا اللقاء ويمضوا، ثم أكد حامد أنه فى الوقت الذى استهلك المثقفين الوقت فى الأشياء التى لا تفيد تركوا الأشياء المهمة والمؤثرة.
أما يوسف القعيد فقال فى مقال منشور بالأهرام إن بعض النخب التى تذهب لمثل هذه اللقاءات بهدف وحيد هو الاستعراض، وإلقاء محاضرات يدور بعضها بين صفحات التاريخ والحاضر، وكأن من يتكلم لا يريد إلا أن يقول: ها أنذا، بصرف النظر عن مراعاته للآخرين الذين معه، ولحقوقهم التى يعتدى عليها عندما يصول ويجول ويقول كل ما سمعناه منه فى لقاءات سابقة مع الرئيس السيسى أو السابقين عليه من رؤساء مصر". مؤكدا أنه "اتفق مع ما ذهب إليه الدكتور محمد المخزنجى فى إحدى مقالاته بأنه ربما يفكر فى عدم الذهاب لمثل هذه اللقاءات مستقبلاً، وأنه لو طرح عليه الاختيار بين النخبة والفلاحين، لاختار الفلاحين دون تردد".
مؤكدا أن نرجسية المثقفين هى التى تفسد هذه اللقاءات التى يبدو أنها تتعرض لأكبر من موجات الغضب.
موضوعات المتعلقة..
- السيسى للمثقفين: لا أحد يستطيع البقاء فى الرئاسة أكثر من الفترة المقررة
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة