هناك من يخطط للبناء والتعمير.. وهناك من يتآمر للخراب والهدم. وكما كنا نقرأ ونسمع ونردد المقولة المعروفة إياها، «يد تبنى ويد تحمل السلاح»، كدليل على وحدة وتماسك المجتمع فى اللحظات الصعبة والعسيرة وفى زمن الحرب. فهنا يمكن أن نردد مقولة مشابهة لما نراه من مخططات تحطيم للشخصية المصرية وهزيمتها معنويا وهدم أعمدتها التاريخية، بأن هناك «أيادى تحمل المعاول للبناء وأيادى أخرى يغيظها أن يتقدم هذا الوطن للأمام بسواعد أبنائه وأهدافها المحددة والموضوعة بإثارة الفوضى ونشر الفتنة».
يوم الجمعة الماضية، انتظرت حتى ينتهى المشهد كاملا ويمر اليوم بهدوء ودون إراقة دماء فى القاهرة أو خروج تصريحات سياسية عصبية من فوق جبل الجلالة. وفى اليوم التالى قارنت بين المشهدين. لم يحالفنى الحظ لأذهب إلى الجبل بدعوة رئاسية لمشاهدة نوع آخر من الشعب، وتحديدا من شبابه الذى يفجر الجبل ويروضه ويحطم الصخور ليشق الطرق ويمهد الأرض لإقامة المشروعات الضخمة، فى ظروف مناخية قاسية وفى درجة حرارة تجاوزت الأربعين درجة مئوية ومع ذلك، وكما وصف الزميل محمود سعد الدين، لا تخطئ التحدى فى عيونهم والفرحة والأمل المرسومة فى ملامح وجوههم السمراء التى تلمع تحت خيوط الشمس، والكل هناك فوق قمة الجبل يعزف لحنا واحدا رائع النغمات اسمه ملحمة العمل والبناء لشق طريق طوله يتجاوز المائة كيلومتر يربط بين الزعفرانة والعين السخنة، وهو أحد أصعب المشروعات التى تنفذها الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة حالياً فى «جبل الجلالة»، فطريق «الجبل» هو جزء من محور «مصر - أفريقيا» الممتد بطول 3 آلاف كيلومتر الذى يربط بين جنوب بورسعيد حتى الحدود الدولية المصرية، الواقعة على خط عرض 22، بدءاً من محور «30 يونيو» متقاطعاً مع الطريق الدولى الساحلى بجنوب «بورسعيد»، مروراً بالكيلو 90 بطريق «مصر - الإسماعيلية» الصحراوى ثم طريق السويس، مروراً بطريق السخنة فى منطقة «وادى حاجول».
وجبل الجلالة سلسلة جبلية من جبال البحر الأحمر، شرق مصر، تبدأ عند العين السخنة فى أقصى شمالها وتمتد جنوبا، وتنقسم إلى الجلالة البحرية شمالا والجلالة القبلية جنوبا، يفصلهما وادى عربة. يرتفع جبل الجلالة البحرية 1200 مترا. يعتقد أنه المكان الذى عبر موسى منه باليهود البحر الأحمر هربا من فرعون. يأتى الجبل السياح العرب والأجانب الباحثين فى تاريخ مصر. فقرب جبل الجلالة البحرية يوجد جبل التقى ذو الأهمية الدينية، يرتفع 800 مترا ويوجد بالقرب منه وادى الشويبة ووادى هوغولاند. بالمكان توجد ينابيع الكبريت التى سميت عليها العين السخنة. ولذلك هناك مشاريع سياحية ومنتجعات مقرر إقامتها فى المنطقة فى إطار المشروعات الكبرى مع تنفيذ الطريق.
فى المشهد الآخر، وفوق نقابة الصحفيين وفى شارع عبد الخالق ثروت اختلطت النوايا والأهداف للمتظاهرين المحتجين على إعادة جزيرتى تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية. واندست وسط الزحام الوجوه الكريهة إياها التى رفعت بالأيدى شعارات «ارحل» فى إشارة للرئيس السيسى و«يسقط حكم العسكر» فى وجود أصحاب النوايا والمقاصد الوطنية الطيبة. وهى ذات الشعارات واللافتات التى سلمت مصر تسليم مفتاح للجماعة الإرهابية، وكادت أن تدخل مصر فى سيناريو الفوضى الشيطانى.
بصراحة، حاولت العثور على صور الشباب العامل «الشقيان والعرقان» فوق جبل الجلالة وهو يغنى بالعمل لمصر ويحيل بسواعده صخور الجبال الميتة إلى حياة وعمران، وصور الوجوه إياها بشعورهم ولحاهم وقمصانهم السوداء ولافتاتهم المألوفة من فوق سلالم نقابة الصحفيين التى تدعو للفوضى والخراب باسم الثورة، لقراءة ما تقوله ملامح الوجوه، ولمعرفة الفارق بين سلالم نقابة الصحفيين وقمة جبل الجلالة فى هذا التوقيت بالذات!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة