إبريل والكذب والسياسة
نشرت إحدى الصحف إعلانا عن معرض ضخم للحمير يقام فى ساحة عامة، وأفرطت الصحيفة فى التأكيد على أن المعرض جديد من نوعه وغير مسبوق، لأنه سيضم بالإضافة إلى الحمير المعروفة أنواعا وأشكالا جديدة ونادرة من الحمير التى سوف تعقد مؤتمرا تعلن فيه عن قرارات. طبعا قرأ عدد من الفضوليين والمدعين الخبر، وارتدوا ملابس المعارض، وفى الموعد المحدد تجمعوا فى المكان المحدد، وانتظروا ولم تظهر حمير، ولم يجدوا سوى أنفسهم.
وكان هذا فى أول إبريل حيث خرجت الصحف فى اليوم التالى «حضرات السادة الحمير مرحبا بكم فى المعرض». كانت هذه أحد أهم النكات التى قرأتها بمناسبة كذبة إبريل التى حل موعدها أمس. ولم يعرف أحد لماذا أول إبريل بينما الكذب يجرى يوميا.
اشتهر أول إبريل أنه يوم الكذب المباح، وغالبا هذا الاختراع من ابتكار كذاب محترف أراد إشراك الآخرين، وإذا كانت كذبة إبريل بيضاء، فإن السياسة معروف أنها هى فن الكذب المستمر، وحتى جهاز كشف الكذب عجز عن مجاراة البشر، وهناك محترفون لا يمكنهم الحياة بدون كذب، لا فرق لديهم بين الأبيض والأسود ومنهم خبراء التسويق، والسياسيون.وقد اعترف أحد خبراء الإعلان مرة أنه من كثرة ابتكار طرق للكذب لتسويق السلع، أصبح عاجزا عن معرفة الأوقات التى لا يمارس فيها الكذب.
فى إبريل أغلب الكذب أبيض، أما فى البيانات الرسمية والسياسية، غالبا يرى الناس أن البحث عن الصدق استثناء. ويقال إن أول مخترع للكذب كان خبيرا فى الأرقام الحكومية. واحتار خبراء الكذب فيما إذا كان السياسيون أكذب أم مسوقو الإعلانات، وقالوا إن السياسة فى الأغلب تقوم على الكذب المتواتر واليومى، الأمر الذى يجعلها عبارة عن كذب به بعض الصدق. وقال رئيس الوزراء البريطانى الأسبق ونستون تشرشل: «يروج استعمال الكذب قبل الانتخابات، وأثناء الحرب، وبعد الأسبوع الأول من الزواج»، وعندما كان تشرشل فى المعارضة كان يسمى بيانات الحكومة: حفلات الكذب المنمق.
فى السياسة يفرق الخبراء بين كذب المعارضة وكذب الحكومة، فالمعارضة تكذب أقل، وكذبها غير رسمى، وعندما تصل للسلطة تكذب كذبا رسميا. ويشارك الإعلام مع الإعلان فى تسويق الحروب والصراعات مثلما فى العراق وسوريا وليبيا، حيث اعترف زعماء أمريكا وبريطانيا أنهم كذبوا. بل إنهم كذبوا بعضهم.
وفيما يتعلق بالسياسة هناك قصة أمريكية ساخرة تقول، إن عددا من النواب تعرضوا لحادث سير، وعثر عليهم فلاح ودفنهم جميعا، وجاءت الصحافة تسأل الفلاح: هل كان بين من دفنتهم أحياء رد: نعم بعضهم قال إنه حى لكن من يصدق أعضاء البرلمان، واحتار الكثير من الخبراء عما إذا كانت السياسة هى الكذب أم أن الكذب سياسة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة