ننشر حيثيات حكم القضاء الإدارى بإلزام الدولة بتشكيل فريق طبى وعلاج دوائى لـ"الأطفال مرضى التوحد".. المحكمة: التوحد مرض العصر يعوق النمو.. والعلاج المبكر يخفف حدة آثاره ويغير حياتهم

الأحد، 24 أبريل 2016 12:32 م
ننشر حيثيات حكم القضاء الإدارى بإلزام الدولة بتشكيل فريق طبى وعلاج دوائى لـ"الأطفال مرضى التوحد".. المحكمة: التوحد مرض العصر يعوق النمو.. والعلاج المبكر يخفف حدة آثاره ويغير حياتهم الطفلة ياسمين على عبد الكريم الحوفى
البحيرة - جمال أبو الفضل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى أول مرة يفرض مرض التوحد وجوده على ساحة القضاء المصرى، ليدق ناقوس الخطر بأن هذا المرض أصبح ينتشر بسرعة مذهلة تهدد مستقبل الطفولة فى مصر، وفى حكم جديد، أكدت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى فى البحيرة، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، أن الدولة ملزمة بتشكيل فريق طبى متكامل ما بين طبيب أطفال متخصص فى النمو وطبيب نفسى وطبيب تخاطب، وتوفير العلاج الدوائى لأطفال مرضى التوحد.

الحكم


وقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين صالح كشك، ومحمد حراز نائبى رئيس مجلس الدولة، بوقف تنفيذ قرار رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحى السلبى، بالامتناع عن صرف الدواء المقرر لعلاج الطفلة ياسمين على عبد الكريم الحوفى من مرض التوحد متوسط الشدة، المتمثل فى عقارEfalex وMemexa وCerebrocetam شراب، وما يترتب على ذلك من آثار أخصها إلزام الهيئة بتشكيل فريق طبى متكامل ما بين طبيب أطفال متخصص فى النمو وطبيب نفسى وطبيب تخاطب للطفلة، وعرض حالتها دوريا لتقرير مدى حالتها الصحية، وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته بدون إعلان وألزمتهما المصروفات.

حيثيات الحكم


وأكدت المحكمة أن التدخل المبكر لعلاج أطفال مرضى التوحد هو العامل الجوهرى لسرعة ونجاح مواجهته، خاصة فى تلك السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل، التى يستطيع خلالها اكتساب المهارات بصورة أكثر إيجابية من المراحل العمرية الأخرى، ويحدث تغيير ملحوظ وجدى فى حياة الأطفال المصابين بهذا الاضطراب.

وتابعت المحكمة أنه يتوجب على كل من التأمين الصحى ووزير الصحة، الإسراع فى إنقاذ هؤلاء الأطفال مما يعانونه من صعوبات، حتى لا تسوء حالتهم فى العلاقات الاجتماعية المتبادلة واللغة والسلوك، خاصة أن هناك توعية دولية عن طريق الجمعية العامة للامم المتحدة بهذا المرض، وتخصيص 2 أبريل يوما عالميا للتوعية، دعما لحقوق الأطفال المصابين به، وتشجيعا لهم على دمجهم فى الأسرة البشرية، وتحسينا لفرص الحياة الكريمة، للفت انتباه أعضاء الجماعة الدولية، ويتعين على الجهة الإدارية تأخذ من مسلك المجتمع الدولى العبرة والعظة، بان تحنو على هؤلاء الأطفال لا أن تقسو وتعاقبهم بالحرمان من العلاج.

وقالت المحكمة إنه يجب ألا يغيب عن ذهن الجهة الإدارية المدعى عليها المتمثلة فى هيئة التأمين الصحى ووزير الصحة، أن مرض التوحد لدى الأطفال "Autism"هو مرض العصر، بحسبانه إعاقة متعلقة بالنمو، وطبقا لرأى علماء الطب عادة ما تظهر خلال السنوات الثلاثة الأولى من عمر الطفل، وهى تنجم عن اضطراب فى الجهاز العصبى، ما يؤثر على وظائف المخ، ويكون انتشار هذا الاضطراب مع الأعراض السلوكية المصاحبة له، ومن ثم فان التدخل المبكر لعلاج أطفال مرضى التوحد هو العامل الجوهرى لسرعة ونجاح علاج المرض، خاصة أن تلك السنوات الثلاثة الأولى من عمر الطفل هى التى يستطيع خلالها اكتساب المهارات بصورة أكثر إيجابية من اكتسابها فى المراحل العمرية الأخرى.

وأضافت المحكمة أن التأمين الصحى ووزير الصحة بحكم تخصصهما فى المجال الطبى يدركان أن العلاج المكثف والمبكر يمكنه أن يحدث تغييرا ملحوظا وجديا فى حياة الأطفال المصابين بهذا الاضطراب، ما يقتضى منهما الإسراع فى إنقاذهم مما يعانونه من صعوبات حتى لا تسوء حالتهم فى العلاقات الاجتماعية المتبادلة واللغة والسلوك، فعلاج الطفل المتوحد على نحو ما ذهب إليه رجال الطب يحتاج إلى فريق طبى متكامل ما بين طبيب أطفال متخصص فى النمو وطبيب نفسى وطبيب تخاطب، كما أن العلاج الدوائى يهدف بالأساس لتخفيف حدة الأعراض، ومن ثم فإن امتناع ممن ناط بهم القانون أو تباطؤهم عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة للأطفال دون السن المدرسى المصابين بالتوحد وهم فى حالة خطرة على حياتهم، هى جريمة مؤثمة ضد الطفولة.

خطورة مرض التوحد


وأوضحت المحكمة أن كلا من التأمين الصحى ووزير الصحة يعلمان أنه نظرا لخطورة مرض التوحد على الأطفال الصغار على المستوى الدولى، فإن الجمعية العامة للأمم المتحدة حددت فى ديسمبر 2007 بموجب قرارها رقم 139/62 يوم 2 أبريل من كل عام، بوصفه اليوم العالمى للتوعية بمرض التوحد، دعما لحقوق الأطفال المصابين به، وتشجيعا لهم على دمجهم فى الأسرة البشرية، وتحسينا لحياتهم وتوفيرا لفرص الحياة الكريمة لهم. وليس فى هذا الموقف الدولى سوى تعبير من الجماعة الدولية عن أهمية معالجة وخطورة هذا المرض.

وأشارت المحكمة إلى أن المشرع أنشأ بموجب المرسوم بقانون رقم 86 لسنة 2012 المشار إليه نظاما للتأمين الصحى على جميع المواليد والأطفال الرضع ومن هم دون سن الدراسة، إذ ألزم الهيئة العامة للتأمين الصحى بتقديم الخدمات العلاجية والتأهيلية والخدمات الطبية لهم، والفحص بالأشعة والبحوث المعملية وغيرها من الفحوص الطبية والعلاج والإقامة بالمستشفى أو المصحة أو المركز التخصصى، وإجراء العمليات الجراحية وأنواع العلاج الأخرى وصرف الأدوية اللازمة للعلاج.

فضلا عن الخدمات الصحية كالتحصين ضد الأمراض، ويكون علاج الطفل ورعايته طبيا مدة انتفاعه إلى أن يشفى او تستقر حالته، وهذا الالتزام بالعلاج لا مناص من تحقيقه ولا سبيل للفكاك منه، باعتباره حقا من الحقوق الأساسية التى يتمتع بها الطفل فى بلده وتقوم الدولة على توفيره له، ولا وجه لحرمانه منه، فإذا نكلت الدولة عن أداء هذا الالتزام دون سند مشروع، فإن مسلكها فى هذا الشأن يعد قرارا سلبيا غير مشروع.

واستطردت المحكمة أن التأخير فى منح الطفلة جرعات العلاج الدوائى وتشكيل فريق طبى فى النمو والنفسى والتخاطب، يعرض حياتها للخطر، ويحرمها من حقها فى العلاج المجانى، ويمس حقها فى الحياة الكريمة، وهما حقان دستوريان. ويتوجب على الدولة ممثلة فى هيئة التأمين الصحى ووزير الصحة بذل العناية اللازمة لتخفيف معاناة الأطفال المرضى الذين يطرقون باب العدالة الذى لا يوصد فى وجه طارق، وبحسبان أن مرض التوحد – وكما ذهب أهل التخصص من علماء الطب - من الإعاقات التطورية الصعبة بالنسبة للطفل وأسرته، حيث يعانى الصغير من مشاكل فى التفاعل الاجتماعى، وتأخر فى النمو الإدراكى وفى الكلام وفى تطور اللغة، بالإضافة إلى البطء فى المهارات التعليمية، كما يعانى نسبة منهم من حالات صرع ومن الحركات الزائدة وعدم القدرة على التركيز والاستيعاب‏.

ولاريب أن العلاج المكثف والمبكر، قدر الإمكان، يمكنه أن يحدث تغييرا ملحوظا وجديا فى حياة الأطفال المصابين بهذا الاضطراب، وهو ما لا يجب أن يغيب عن عقيدتها، ما يستنهض همة التامين الصحى ووزير الصحة بعلاجهم ‏وشمولهم بالرعاية الصحية والعلاج المجانى وهو من اخص حقوقهم الدستورية الأصيلة.

واختتمت المحكمة حكمها العادل المستنير بأن الطفلة ياسمين عبد الكريم الحوفى 3 سنوات مؤمن عليها لدى الهيئة العامة للتأمين الصحى طبقا للمرسوم بقانون رقم 86 لسنة 2012، وأن والدها فقير عامل باليومية ويقيم بقرية الظهرية بإيتاى البارود بمحافظة البحيرة، وأن الطفلة تعانى من مرض التوحد متوسط الشدة، وتحتاج إلى الدواء العلاجى المتمثل فى عقار إيفالكس شراب و ميميكسا شراب و سربيوستام شراب، فضلا عن تخصيص فريق طبى متكامل لها من طبيب أطفال متخصص فى النمو وطبيب نفسى وطبيب تخاطب، فمن ثم تلتزم هيئة التامين الصحى بتوفير ما تقدم وبما يتناسب مع تطور حالتها الصحية بصفة دائمة ومنتظمة دون تأخير.

وعلى التأمين الصحى ووزير الصحة أن يسعيان إلى علاجها فى الحال دون تأجيلها للغد ودون تقسيط أو تقصير فى علاجها، فلن يستطيع الأطفال أن يلبسوا ثوب العافية إلا إذا قامت الدولة نحوهم بواجبها الدستورى والقانونى والانسانى , وبهذه المثابة يشكل امتناع الجهة الادارية المدعى عليها عن صرف الأدوية المشار إليها للطفلة قرارا سلبياً مخالفاً لاحكام الدستور والقانون .

واعتبرت منظمات حقوقية أن هذا الحكم نصرا كبيرا لجموع الأسر التى يعانى أطفالها من مرض التوحد، وهو أول حكم يصدر بعد أن حصلت الحكومة على ثقة البرلمان إعمالا للدستور، والتى ألزمت نفسها من خلال بيانها الذى ألقاه رئيس الوزراء أمام مجلس النواب للعامين ونصف المقبلين، وأصبح ملزمة بتطوير الخدمات الصحية للفئات الأكثر عرضة للمخاطر.


موضوعات متعلقة..


القضاء الإدارى يلزم الدولة بتشكيل فريق طبى وعلاج دوائى للأطفال مرضى التوحد








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة