الأستاذ عمرو حمزاوى الذى عمل لسنوات باحثا فى معهد كارنيجى وثيق الصلة بالمخابرات الأمريكية، على سبيل التلميع، قبل هبوطه بالباراشوت على الحياة السياسية المصرية، وزميل ميشيل دن وناثان براون وسواهما من صناع سياسات احتواء مصر فى واشنطن، كتب مقالا بعنوان «الأساطير العائدة» ظاهرة التباكى على ديمقراطية محمد بديع والشاطر ومرسى ونقد ثورة 30 يونيو وما تلاها من أحداث 3 يوليو، وباطنه استخدام المساحة المتاحة له فى الشروق كمنصة لإطلاق الشائعات والمعلومات المغلوطة.
حمزاوى الشهير بتعبيره الدقيق والحرفى عن الخطاب السياسى الأمريكى تجاه مصر، يركز فى كلماته الراقصة على ثلاث أفكار أساسية يكررها ويلونها ويقلبها ويحبشها بالتعبيرات السياسية المنحوتة على غرار «فاست فود»، وأول هذه الأفكار، أن هناك حراكا شعبيا عارما فى مصر حاليا، وكأن الميادين ممتلئة بجموع الشعب الثائر كما شهدنا سابقا فى 25 يناير و30 يونيو، وثانى هذه الأفكار، أن كثيرين من مؤيدى 30 يونيو وما تلاها فى 3 يوليو، انقلبوا حاليا على نظام السيسى والتفوا حول الحراك الشعبى العارم فى الشوارع والميادين بالقاهرة والمحافظات، طلبا لمنقذ جديد بديلا للسيسى، وثالث هذه الأفكار تدور حول نقد معسكر السيسى ومن معه حتى لو كان الشعب كله، ونقد معسكر المتحلقين حول الحشد الشعبى العارم حتى لو ملأوا الميادين، لأن المعسكرين بعيدان عن الديمقراطية المنشودة التى لا يفهمها سوى الأستاذ حمزاوى وخبراء السياسة فى إدارة أوباما، وفى سياق عرضه لأفكاره الثلاثة يطجن حمزاوى بالكثير من التعبيرات والأوصاف الغريبة التى تعطى إيحاء سلبيا، على طريقة جوش إيرنست المتحدث باسم البيت الأبيض «ننظر بعين القلق العميق»، فهو يتحدث عن اللحظة الفاشية فى 3 يوليو التى انقلبت على المسار الديمقراطى الزاهى وعما يسميه «المكون العسكرى الأمنى فى نظام الحكم الحالى»، باعتباره سبب تأسيس جمهورية جديدة للخوف، وكأنه يتحدث عن جورج بوش الابن وتدشينه معتقل جوانتانمو الرهيب، أو يصور الأوضاع الحالية عندنا وكأنها على خطى الجرائم الأمريكية فى معسكر أبو غريب فى العراق مثلا.
لا يمكنك أن تتجاهل تلك المرارة الدفينة بين كلمات حمزاوى الراقصة وسببها، أهو غيابه مثلا عن الساحة السياسية المصرية بعد فشل حزبه الكارتونى «الحرية» وانقساماته المتتالية وتوقف مصادر الدخل والتمويل الخاصة بالحزب؟ أم ربما لفشل المبادرة المضحكة التى أطلقها مع مايكل ماكفول مستشار أوباما لعلاج ما سماه بـ«الانسداد السياسى» الحالى فى مصر، تحت عنوان «روشتة للإصلاح السياسى»، ودعا فيها إلى المطالب الأمريكية المزمنة بإعادة الإخوان للسياسة والحكومة وحل البرلمان، وعقد انتخابات برلمانية جديدة، من أجل عيون الطابور الخامس والجماعة الإرهابية.
ربما يكون سبب حزنه الدفين أنه وزملاؤه المكلفون بإعادة تشكيل الرأى العام المصرى لصناعة حراك شعبى عارم بالتسخين والتحريض، قد فشلوا فشلا ذريعا فى مهمتهم المكلفين بها، ومع قرب انتهاء ولاية أوباما واقتراب ترامب الجمهورى من البيت الأبيض، لن يكون للمشروع الذى يعملون من خلاله وجود، وبالتالى لن يكون لهم وجود أصلا ولن تعود لكتاباتهم التحريضية الموجهة وفق البوصلة الأمريكية أى لزوم، لكنى أطمئن الأستاذ حمزاوى صاحب اللياقة البدنية والمرونة الفائقة، بأنه سيجد موضع قدم مع ترامب وفريقه الجمهورى، فهم سيحتاجون خطابا حادا متماسكا من ثلاث جهات فى نقد المكون الإسلامى الفاشى فى المجتمعات الغربية، ومبررات منع المسلمين من دخول أمريكا، يعنى شوية تظبيط وتشبط فى المشروع الجديد، ما تقلقش، المهم تتدرب كويس وتحافظ على مهارتك فى الرقص على كل الحبال!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
واحد
كلام جميل
عدد الردود 0
بواسطة:
جلال
الي رقم 1 اللي ما يشوف من الغربال يكون اعمي
عدد الردود 0
بواسطة:
جلال
الي رقم 1 اللي ما يشوف من الغربال يكون اعمي