الحديث عن الأجندات الخاصة للجماعة فى مسألة الجزيرتين صحيح
تحتفظ جماعة الإخوان بأجندتها الخاصة، وتحدد أهدافها وخطواتها طبقًا لذلك، هى تقترب وتبتعد من أى قوى سياسية على أساس ما يحقق لها مكاسبها الذاتية، حتى لو تعارض ذلك مع المصالح الوطنية العامة.
وعلى هذا الأساس لا يمكن تصديقهم حين يتحدثون مثلًا عن أزمة الدولار، وقولهم إنها نتيجة سياسة اقتصادية فاشلة، فرؤيتهم الاقتصادية لا تقود بأى حال من الأحوال إلى بناء اقتصاد قوى يحافظ على قوة الجنيه، هم لا يختلفون مع «رأسمالية المحاسيب» إلا فى الشكل فقط، وبالتالى فحين يتحدثون عن «الجنيه» و«الدولار» لا يكون المقصد بريئًا، ولا يكون وطنيًا، إنما اصطياد لاستثمار الحالة لصالح أجندتهم الخاصة.. نعم هناك أزمة تتحمل مسؤوليتها الحكومة، وهناك تخبط فى العلاج، وهناك غياب لرؤية تقوم على أساس أن قوة الإنتاج هو الضمان لقوة العملة الوطنية، وطالما نحن دولة غير منتجة فستبقى أزمة الدولار مستمرة، وهذا هو الأساس فى القصة، والذى لا تؤمن به جماعة الإخوان أيضًا، مثلما لا تؤمن به كل الحكومات التى تعاقبت منذ ثورة 25 يناير، ويقودنا ذلك إلى التأكيد أن أى حديث «إخوانى» عن هذه القضية لا يكتسب مصداقيته، لأنه يخدم فى الأساس الأجندة الخاصة لـ«الجماعة».
يمكن ذكر عشرات الأمثلة الأخرى، وهل ننسى ترويجهم لبرنامج «النهضة» كدعاية لخيرت الشاطر وقت اعتزامه الترشح لانتخابات الرئاسة 2012؟، ولما منعته العوائق القانونية ترشح محمد مرسى، وبعد نجاحه ظهر أنه لم يكن هناك برنامج لـ«النهضة»، وذلك باعتراف «الشاطر» نفسه، وكان ذلك كذبة إضافية لمجموعة أكاذيب أخرى، مثل الترشح فى الانتخابات البرلمانية على %25 من المقاعد فقط، وعدم الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية، والتذكير بذلك يأتى من باب التدليل على أن «الجماعة» تمارس تكتيكاتها الخاصة التى قد يبدو منها أنها تمد ذراعها للجميع، وأنها تتفق مع باقى القوى السياسية على أجندة وطنية موحدة، غير أن الحقيقة عكس ذلك تمامًا، فهى تخبئ أجندتها الخاصة حتى تأتى الفرصة لفرضها.
الخلفية السابقة تقودنا إلى فهم حقيقة موقف «الجماعة» من قضية جزيرتى «تيران» و«صنافير»، ودعوات التظاهر التى تتمسك بمصريتهما، وأنا ممن يتمسكون بمصريتهما، ومن الداعين لحق التظاهر السلمى، غير أننى فى الوقت نفسه أنبه إلى أنه بالقياس على كل معارك جماعة الإخوان منذ تأسيسها عام 1928، لا يمكن تصديق أى كلام يمكن أن تقوله حول «التفريط فى الأرض» و«سلمية المظاهرات».
حين تذكر «الجماعة» مثل هذه الشعارات، فإنها تمارس خداعًا تحاول التقرب من خلاله مع القوى الوطنية الأخرى، فقصة الأرض فى أدبياتها السياسية ما دامت تتم بين ديار المسلمين فليس هناك مشكلة فيها، كما أن قصة الخلافة التى تبقى أساسًا فى تكوينهم الوجدانى والعقلى يتوارى خلفها أى حديث عن الحدود على أرض المسلمين، وليس خافيًا على أحد أنهم يتباكون على زوال الخلافة الإسلامية، ويرون أن الغزو العثمانى لنا على يد سليم الأول عام 1517 وقتل آلاف المصريين فيه لم يكن احتلالًا، بل كان للحفاظ على دولة الخلافة.
من هنا فإن الحديث عن الأجندات الخاصة للجماعة فى مسألة الجزيرتين هو صحيح تمامًا، وهى فى هذه القضية لا يمكن الأخذ بحجتها، ولا يمكن أن نساوى بينها وبين آخرين يرون أن الجزيرتين أرض مصرية، هناك فرق فى الرؤية من الأساس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة