المهمة القذرة لمعهد RTI تم الكشف عنها فى العراق، التى دخلها المعهد عام 2003 بتعاقد مع الوكالة الأمريكية للتنمية لتأسيس 180 إدارة محلية فى العراق، بعقد قيمته بـ167 مليون دولار، تحت هذا الستار وشعار «اختراع الديمقراطية فى العراق» مارس المعهد مهامه القذرة من خلال اللعب على كل التناقضات الموجودة داخل المجتمع العراقى، فلعب على الفتنة بين الشيعة والسنة، والعرب والأكراد، وكانت النتيجة أن العراقيين تناحروا فيما بينهم، وظهر ذلك بوضوح فى دستور العراق الذى تم إقرارها فى 2005، ونص فى المادة الثالثة منه على أن «العراق بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب، وهو عضو مؤسس وفعال فى جامعة الدول العربية وملتزم بميثاقها وجزء من العالم الإسلامى»، فهذه المادة ألغت الهوية العربية للعراق وسمحت للقوميات بتأسيس كيانات سياسية ودينية كمرحلة أولى لتقسيم العراق على دويلات، وفقاً للمخطط الذى عمل عليه المعهد الأمريكى منذ أن دخل العراق بدعم من البنتاجون.
المعهد يحصل على مخصصات مالية كبيرة من الميزانية الأمريكية وصلت إلى مليار و800 مليون دولار، بزعم تنفيذ مشاريع تنموية فى الدول التى يعمل بها، لكن الحقيقة أن المعهد لا ينفق سوى %10 من هذه المبالغ على البرامج التنموية، فيما يخصص الباقى، أما لرواتب العاملين والمتعاملين مع المعهد فى الدول التى يعمل بها، أو لتحقيق الأهداف المشبوهة، وتحديداً مهام التجسس التى لا يتم إدراجها بالطبع فى موازنة المعهد، ولترتيب الأوراق يتم وضع هذه الأموال ضمن ميزانيات لمشاريع وهمية كشفتها عدد من التقارير الرقابية الأمريكية التى رصدت وقائع عدة لفساد المعهد فى الدول النامية وتحديداً فى غانا وأفريقيا الوسطى.
الجيل الجديد للمنظمات الأمريكية
معهد RTI يعد الجيل الجديد للمنظمات الأمريكية، بعدما فشلت غالبية المنظمات فى تنفيذ الأهداف التى أنشئت من أجلها سواء بدعم الديمقراطية أو تنفيذ عدد من البرامج الأجتماعية فى دول محددة، فهذه المنظمات نفذت بالفعل هذه البرامج فى دول مختلفة ومن بينها مصر، لكنها لم تحقق الهدف المرجو منها الذى سبق تحديده فى واشنطن، فكان البديل فى معهد RTI غير المعروف نسبياً فى دولة مثل مصر، وبالتالى فإنه لن يثير أية شبهات حوله.
غالباً لا يعمل معهد RTI فى الدول بشكل مباشر وإنما عبر شركات أو جمعيات أهلية محلية، من خلال برامج اجتماعية ومرتبطة بمشاكل المواطنيين، مثل جمع القمامة وتطوير الحكم المحلى وتحسين صحة المرأة ومواجهة الإيدز فى أفريقيا والاهتمام بالتعليم، لكن فى الغالب فإن هذه البرامج تهدف أساسا إلى جمع المعلومات المطلوبة عن مجتمع الدولة المستهدفة وتسليم هذه المعلومات للأجهزة الأمريكية.
الأمر لا يرتبط بالطبع بنظرية المؤامرة، لأن ما يفعله المعهد ليس من نسج خيالنا، وإنما موثق بتقارير أمريكية أكدت أن معهد RTI حاول التسلل إلى مصر منذ عام 2005، لتنفيذ عدد من المشروعات التنموية، وطرح وقتها التعاون مع أجهزة الدولة المصرية فى أنشطته وتحركاته، لكن السلطات المصرية رفضت الترخيص له بالعمل فى مصر، لأن تاريخه «المشبوه» فى الدول التى عمل بها كفيل ليس فقط برفض عمله وإنما باعتقال كل المتعاملين والعاملين فيه، وحينما لم يجد المعهد الباب القانونى مفتوحاً أمامه للعمل فى مصر، فلجأ إلى الإطار غير القانونى مستغلاً أنه يعمل فى برامج بالتعاون مع المعونة الأمريكية، وبدأ يمارس أنشطته بشكل مكثف فى 2008، حيث عمل على عدة برامج داخلية منها التعليم ودعم الديمقراطية ودعم المشروعات الصغيرة، وركز على محافظات معينة وتحديداً الصعيد، بخلاف بعض البرامج الذى لم يستطع تنفيذها فى مصر، والخاصة بدعم الشواذ جنسياً وراغبى تغيير الهوية الجنسية، وحينما زادت أنشطته المشبوهة فى مصر من خلال لقاءات قام بها العاملون فى المعهد فى مناطق حدودية تم التضييق عليه، فتدخل المعهد بما لديه من قوة ونفوذ داخل الإدارة الأمريكية بالضغط على مصر فى محاولة لتقنين وضعه وتركه يمارس أدواره دون مضايقات حكومية، لكن القاهرة صمدت فى وجه هذه الضغوط، ولا نبالغ إذا قلنا أن RTI هو السبب الرئيسى فى تفجر ملف الجمعيات الحقوقية بين مصر والولايات المتحدة منذ 2013 وحتى الآن، وإلى تستغله واشنطن للتهديد أكثر من مرة بقطع المساعدات العسكرية عن مصر، خاصة أن البنتاجون «المحرك الرئيسى للمعهد وأنشطته» يلعب على هذا الوتر، وتر المساعدات العسكرية، للضغط على القاهرة.
واشنطن تركت المعهد يعمل بحرية رغم فساده
وللتأكيد على أن المعهد يمارس مهامه تحت رعاية من الإدارة الأمريكية، فرغم كل التقارير الرقابية التى اتهمت المعهد بالفساد المالى إلا أنه مستمر فى عمله بأموال دافعى الضرائب الأمريكية، فواشنطن تترك المعهد يعمل بحرية كاملة، لأنه يحقق لهم أهدافهم فى جمع المعلومات عن الدول المهمة بالنسبة لواشنطن، وجمع المعلومات من المواطنين واستقصاءات رأى حول أوضاع بعض الجماعات السياسية والدينية فى مصر على سبيل المثال من بينها الشيعة والأقباط والنوبة، لأن المعهد يهدف فى الأساس إلى البحث عن ثغرة ينفذ من خلالها إلى المجتمع المصرى لإثارة الفتن.
وهناك وقائع موثقة حول الارتباط المباشر بين المعهد والإدارة الأمريكية، ومنها على سبيل المثال أن عددا من موظفى صندوق التنمية الأمريكى USAID عملوا فى المعهد من بينهم «أرون ويليامز» الذى عمل لمدة 20 عاما ضمن موظفى صندوق التنمية الأمريكى، لينضم فى عام 2003 كمدير للتنمية التجارية فى معهد RTI، وذلك بعد أن أسند للمعهد تنفيذ عدد من البرامج فى العراق، كما أن تقارير رقابية أمريكية أشار إليها موقع «واشنطن أكسيمنير»، قالت إن المعهد يحرص كل فترة على تقديم مبالغ مالية وتمويلات لبعض نواب الكونجرس لضمان استمرار الدعم المالى لأنشطته، وحتى يتجنب اعتراض النواب على أنشطته وما يكتفنها من فساد.
ورصدت تقارير رقابية أمريكية شبهة الفساد فى تعاملات المعهد، خاصة فيما يحصل عليه من أموال مخصصة للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وهى فى الأساس أموال من عوائد ضرائب المواطن الأمريكى لمنظمات المجتمع المدنى، فوفقاً لآخر تقرير فإن المعهد حصل فى 2012 على 208 مليون دولار لمزاولة أنشطتها، لم يثبت أن قام بهذه الأنشطة، خاصة فى الدول الأفريقية التى دخلها المعهد تحت ستار مكافحة مرض الإيدز. كما أن اتهامات الفساد لاحقت مسؤولين كبارا فى الإدارة الأمريكية من بينهم بالطبع، المرشحة المحتملة للانتخابات الرئاسية الأمريكية، هيلارى كلينتون، فأثناء توليها حقيبة الخارجية الأمريكى منحت معهد RTI 526 مليون دولار.
شبكة لجمع المعلومات عن مصر
نحن إذن أمام شبكة متكاملة تضم معهد RTI والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ووزارة الخارجية الأمريكية ووزارة الدفاع الأمريكية، وهذه الشبكة هدفها مواصلة التسلل إلى مصر بهدف تفتيت تماسك المجتمع من خلال برامج لا علاقة لها بأية أهداف تنموية يدعى المعهد أنه يسعى لتنفيذها، وكما سبق القول فإن ما فعله المعهد فى العراق خير شاهد على تحركاته المشبوهه، التى تخفى تحتها وقائع تجسس.
فمعهد RTI كان إحدى الشركات التى استفادت من الاحتلال الأمريكى للعراق، فقد حصل المعهد على مساعدات مالية من صندوق المعونة الأمريكية لتنفيذ مشاريع داخل العراق بعد الغزو الأمريكى فى عام 2003، وكانت تلك المشاريع فى الظاهر موجهة لتحسين الإدارات المحلية والمؤسسات المدنية وتحسين الخدمات، لكنها كانت مشاريع تستهدف السيطرة على وسائل الإعلام العراقية، فمن خلال المعهد تسللت عناصر لمراقبة وسائل الإعلام العراقية المختلفة المقروءة منها والمرئية لتسويق السياسات الأمريكية وخلق استقبال شعبى لها، وكانت شبكة الإعلام العراقية IMN التى تأسست فى إبريل 2003 إحد منجزات تلك المنظمة، وكان يديرها أمريكى يسمى «بول ريلى».
بجانب الإعلام فإن المعهد تسلل إلى المناهج التعليمية العراقية ونظم التعليم، من خلال دورات تدريبية لدارسين وأساتذة استهدفت تغيير المناهج التعليمية العراقية لكى تكون أكثر قبولاً للمعايير الغربية الخاصة بالحريات الشخصية والسياسية، فضلاً عن بث السموم وسط هذه المناهج لتكون البوابة الرئيسية التى دخل من خلالها التطرف والفتنة المذهبية إلى العراق بين الشيعة والسنة، والعرب والأكراد. وهناك مهمة ثالثة اضطلع بها المعهد فى العراق، وهو تمهيد الأرضية فى العراق لدخول الشركات الخاصة الأمريكية التى استفادت من غزو العراق التى رغبت فى السيطرة على البترول وإعادة بناء الدولة، ولا يخفى على أحد أن هذه الشركات تدار من جانب سياسيين كبار فى الولايات المتحدة الأمريكية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر شركة هاليبرتون للخدمات النفطية، المرتبطة بنائب الرئيس الأمريكى السابق ديك تشينى الذى كان أحد الأضلاع المهمة فى مثلث القرار الأمريكى الذى أتخذ قرار الغزو الأمريكى للعراق فى 2003.
ما فعله فى العراق يسعى منذ 2008 على تنفيذه فى مصر، وللأسف هناك بعض المنظمات المصرية، ربما بعلم أو بدون علم منها، تعاملت مع معهد RTI دون أن تنتبه لماضيه الأسود ولأهدافه التجسسية، فهذه الجمعيات يبدو أنها انبهرت بالعناوين الجذابة التى يروج لها المعهد مثل الرعاية الصحية وتحسين التعليم وتنمية البيئة، والنمو الاقتصادى والإدارة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، كما أن هذه الجمعيات اعتبرت حصول المعهد على دعم من الوكالة الأمريكية أو البنك الدولى كفيل بأن المعهد شرعى وأنه لا يشوبه شائبة، لكن الآن جاءت لحظة المواجهة مع كل من تعامل مع معهد RTI ليعرفوا حقيقة هذا المعهد الذى لا يسعى سوى إلى جمع معلومات عن المجتمع المصرى، وإثارة الفتنة وحث بعض المجموعات المصرية للمطالبة بالانفصال مثل النوبة والأقباط.
الملف السرى للتجسس الأمريكى على مصر يصل للبرلمان
أثار اختراق «اليوم السابع» للملف السرى للتجسس فى مصر، حفيظة البرلمان، حيث أعلن عدد من النواب تقدمهم بطلبات إحاطة خلال الجلسة المقبلة حول دور منظمات أمريكية مشبوهة فى إثارة الفتن الطائفية بمصر، وعقد دورات للمصريين فى الخارج لدعم حقوق الشواذ، وأكد النائب حسين أبو الوفا، عن حزب مستقبل وطن، أنه سيتقدم بطلب إحاطة خلال الجلسة المقبلة حول قيام واشنطن برزع منظمة RTI لإشعال الفتنة فى مصر، مشيرا إلى أن هذا الأمر فى غاية الخطورة، خاصة فى ظل التحديات الراهنة التى تواجهها البلاد، وتآمر بعض الدول عليها. وأضاف أبوفا، أن هناك بعض المنظمات الأمريكية التى تسعى لإثارة الفتنة داخل الدولة المصرية عبر إثارة حقوق الأقليات وتحريضهم ضد الدولة، وعقد دورات لحقوق الشواذ، ودعم بعض المنظمات فى مصر التى تتعاون معهم فى تنظيم دورات لمثل هذه القضايا.
بدوره أكد النائب سامى رمضان، عن حزب المصريين الأحرار، أن البرلمان سيحقق فى نشاط معهد البحوث المثلثية فى مصر، والدور الذى تقوم به فى إشارة الفتنة بالبلاد، وكذلك المنظمات التى تتعاون معها من أجل إثارة البلبة بين الشعب المصرى، وأضاف عضو مجلس النواب عن حزب المصريين الأحرار، أن النواب سيتقدمون بعدة طلبات إحاطة خلال الجلسات المقبلة حول محاولات الولايات المتحدة الأمريكية استغلال منظمات غير معروفة فى التجسس على مصر وإثارة الفتنة الطائفية، وأشار رمضان، إلى أن البرلمان يتابع محاولات البعض من الدول لإثارة الفتن الطائفية، موضحا أن البرلمان سيبحث إصدار قانون يحكم السيطرة على المنظمات المشبوهة التى تتعاون مع جهات أجنبية.
بدوره قال النائب محمود الصعيدى، القيادى بائتلاف دعم مصر: إن البرلمان سيناقش محاولات أمريكا فى إثارة البلبة والبحث عن حقوق الشواذ، من أجل وقف أى محاولات لتجسس دول غربية على مصر خاصة خلال الفترة الراهنة.
وأضاف القيادى بائتلاف دعم مصر، أن البلاد الآن فى مرحلة حرجة، والبرلمان يعنى الخطورة التى تواجه مصر، موضحا أنه لا يمكن الصمت حول محاولات المنظمات والمعاهد الأمريكية غير المعروفة فى تدريب مصريين فى الخارج لإثارة الفتن الطائفية.
موضوعات متعلقة
- "اليوم السابع" تخترق الملف السرى للتجسس الأمريكى على مصر.. واشنطن تزرع منظمة "RTI" لإشعال الفتنة الطائفية وإثارة الأقليات بأموال المعونة.. المنظمة عقدت دورات تدريبية لمصريين بالخارج لدعم حقوق الشواذ
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة