فى مرات كثيرة يبدو أيمن الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة، مجرد فلكلور، فالرجل يختفى شهورا، ويظهر فى تسجيل صوتى يستعرض فيه نصائحه وأفكاره، ويهاجم ثم يختفى، ونلقاكم فى المرة المقبلة. وهى ظاهرة متناسبة مع عصر التكنولوجيا ورغبة الظواهرى فى الظهور وإثبات أنه لا يزال حيا، فضلا عن بعض النجومية والتعليقات التى يثيرها ظهوره. ولم يبق من الظواهرى وتنظيمه غير الفيديوهات والتسجيلات.
ومعروف أن نجومية تنظيم القاعدة تراجعت أمام تنظيمات أكثر إرهابا وإخلاصا للعنف المتعدد، مثل «داعش»، و«جيش الفتح»، و«جيش الإسلام»، و«النصرة» المصنفة على أنها أحد أفرع القاعدة. وكلها تقريبا تم تصنيعها لزوم إعادة توزيع الخوف ضمن لعبة باتت واضحة.
وجه أيمن الظواهرى دعوات عن الجهاد فى الشام وإقامة حكومة إسلامية مجاهدة تعيد الحقوق، وتسعى لتحرير الأقصى. لكن أكثر ما يلفت النظر فى كلمة الظواهرى قوله: «هناك مؤامرات تهدف لإقامة إسلام مزيف»، يرى الظواهرى أن إسلام تنظيم القاعدة هو الإسلام الأصلى، بينما يعتبر «داعش» خوارج. وهى طبيعة كل التنظيمات التى لم يعد خافيا أنها تم تفصيلها على أيدى الولايات المتحدة وحلفائها فى المنطقة، بل إن «جبهة النصرة» حصلت على تمويلات وسلاح، وبالطبع فإن تنظيم القاعدة نفسه تم تشكيله وبنائه بمعرفة الولايات المتحدة، وبتمويل من دول إسلامية، حتى تصور تنظيم القاعدة أنه يمكن أن يحارب أمريكا، فكانت الضربات للتنظيم وحلفائه طالبان، وهم كانوا يعتبرون من الإسلام الأصلى، ولهذا تحالف بن لادن معهم قبل سقوطهم.
أيمن الظواهرى دعا فى تسجيله الصوتى الأخير إلى الجهاد فى الشام ضد بريطانيا وأمريكا والسعودية، باعتبارها تطرح إسلاما مزيفا، وهاجم حكام «الردة»، وإسرائيل كقاعدة أمريكية. وهاجم «أبوبكر البغدادى»، ووصف تنظيم «داعش» بالخوارج الجدد. وبالطبع فإن مهاجمة تنظيم القاعدة لإسرائيل فى كل كلمات الظواهرى محاولة لنفى تهمة أنهم لم ينفذوا أى عمليات ضد إسرائيل، وقتلوا من المسلمين عشرات الأضعاف، ونفس الأمر فيما يتعلق بـ«داعش» أو «بيت المقدس» أو غيرهما هى أنها لا تواجه إسرائيل أبدا.
أما حكاية الإسلام المزيف، فهى تبدو مضحكة عندما تصدر من زعيم القاعدة، وهو التنظيم الذى يبدو المثل لكل تنظيمات الدمار، والقتل والحرق، والذبح، من «داعش للنصرة للفتح» إلى آخر القائمة من تنظيمات كرتونية، تزعم كل منها أنها تمثل الإسلام، بينما هم يدمرون ويحطمون ديار الإسلام والمسلمين، ناهيك عن صورة الإسلام فى العالم. وكل الفرق المتطرفة والعنصرية تقدم نفسها على أنها الفرقة الناجية، والممثل الأصلى للإسلام. وهناك كتب ووثائق تسربت مؤخرا عن أن هذه التنظيمات الإرهابية مصنوعة بواجهة إسلامية لأهداف واضحة، هى تسريع عمليات التفكيك، وإفشال أحلام الشعوب العربية فى التغيير والتقدم والحرية. ويصف كل منهم الآخر بأنه من الخوارج، بينما كلهم خوارج ومفسدون فى الأرض.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة