يوم الأربعاء الموافق 4 مايو 2016، يوم أسود فى تاريخ العمل النقابى الصحفى فى مصر، عندما فاجأ مجلس النقابة الحالى بقيادة يحيى قلاش، الجماعة الصحفية بإصدار بيان كارثى، يعد صفعة قوية لصاحبة الجلالة، عندما استعدى فيه كل مؤسسات الدولة، ومن قبلها الشعب. بيان مجلس يحيى قلاش، خطيئة مهنية كبرى، كُتب بمداد سياسى، ثورى، عاطفى، يمثل عددا من أعضاء المجلس، وبضعا من الذين شاركوا فى الاجتماع، ولم يكتب بمداد المنطق والعقل ومصلحة الجماعة الصحفية، أو تغليب للمصلحة العليا للمهنة، ما أدى إلى وضع صاحبة الجلالة بأثرها فى موقف المتقاطع والعدو لمؤسسات الدولة جميعا من ناحية، والغالبية الكاسحة من الشعب المصرى من ناحية ثانية، وهو الأمر الذى وصل إلى حد الكارثة.
المعلوم بالضرورة أن أى إدارة متطوعة فى أى مجال من مجالات العمل العام، سواء كانت نقابات، أو منظمات مجتمع مدنى، أو أندية، فإنها تعمل بالدرجة الأولى على الارتقاء بالمهنة التى تمثلها، وتطوير أداء أعضائها المنتمين لها، والمحافظة على كبريائها وهيبتها بين مؤسسات الدولة وبين الرأى العام، ولا تعتبر نفسها سلطة فوق السلطات، وتتبنى مصطلحا سمجا وقميئا ويتمتع بسمعة سيئة، وهو «وضع ريشة على رأسها». أيضا لا يمكن لمثل هذه المؤسسات أن تتعامل مع الدولة، على أنها «دولة القبيلة» فى تغليب لمصلحة فئوية فوق المصلحة العليا للوطن، وتخوض معارك قبلية بكل سوءاتها من أجل فرض إرادتها وكسر كبرياء الدولة، والسؤال الذى يطرح نفسه، إذا فرضت نقابات من عينة المحامين والأطباء والصحفيين والمهندسين إرادتها على إرادة الدولة وكسر أنفها هل سيرضى غرورها، وهل ستكون هناك دولة نلجأ إليها؟
ما تصنعه النقابات فى محاولة حثيثة لفرض إرادتها فوق إرادة الدولة وتحطيم أنفها كمن يذبح البقرة التى يتغذى على لبنها يوميا من أجل وجبة لحمة وحيدة فيشبع ساعات ويموت جوعا كل يوم؟ وما كان على أعضاء مجلس نقابة الصحفيين أن يجنحوا إلى كل هذا التصعيد تحت شعار أنها تحافظ على كبرياء المهنة، والمحافظة على قدسية النقابة من دنس أحذية رجال الأمن، وهى شعارات براقة تدغدغ وتلهب مشاعر شباب الصحفيين، خاصة المسيسين منهم، ظاهريا، بينما جوهره يبتعد عن الحقيقة، وأن الهدف منه التوظيف السياسى، والانتخابى، واكتساب شعبية واهية على جثة المهنة، وتشويه سمعة وصورة المؤسسات.
المصيبة، أن مجلس النقابة الذى يأتى على سدة إدارة نقابة مهامها تشكيل وعى وثقافة المواطن البسيط، والمشاركة القوية فى توجيه دفة مواقفه الحياتية والسياسية، ويخرجوا على الشعب متدثرين بعباءة المثقفين والمنظرين العالمين ببواطن الأمور الذين يمتلكون الحكمة والموعظة فى القضايا المختلفة، افتقدوا هم أنفسهم لجميع أدوات الحكمة والمنطق، والكياسة السياسية فى قضية تخصهم، عندما فتحوا نيران أسلحتهم الثمانية عشر التى يمتلكونها، ضد الجميع بدون استثناء، وعندما نفدت ذخيرتهم، وقفوا عرايا دون أسلحة، فهل هذا المجلس يمكن لنا أن نثق فى كياسته وحكمته فى إدارة الأمور مستقبلا؟
مجلس استعدى كل المؤسسات، والشعب، ووضع الجماعة الصحفية فى موقف هو الأصعب عبر تاريخ النقابة العريق، وبدلا من أن يركز ويحشد كل أسلحته ويفتح نيرانه فى جبهة واحدة، قرر أن يتحول إلى شمشون الجبار، أو «مازنجر» يستطيع أن يقاتل فى كل الجبهات، وضد كل الأعداء فى وقت واحد.
مجلس النقابة الحالى، عرّض مهنة الصحافة العظيمة لاختبار هو الأصعب من نوعه، وأفقدها هيبتها يوم الأربعاء الأسود، عندما تفاعل المجلس مع هتافات ثورية من نشطاء اخترقوا الجماعة الصحفية، وغلبوا مصلحتهم الانتخابية، ومصالح بعضهم السياسية، على حساب مصلحة المهنة ومصلحة معظم أعضاء الجماعة الصحفية، ومن ثم يجب سحب الثقة منه، وهو أقل الأضرار والخسائر التى خلفتها المعركة «الشمشونية» مع كل الأطراف، ولإعادة الثقة من جديد للمواطنين، وجزء من الكبرياء والشموخ.
دندراوى الهوارى
الأربعاء الأسود فى تاريخ الصحافة.. عندما سقطت الهيبة!!
الأربعاء، 11 مايو 2016 12:00 م
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة