وائل السمرى

بلد «كأنه»

الخميس، 12 مايو 2016 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لدينا عاملون وليس لدينا عمل


فقط فى مصر، أكبر عدد من موظفى الدولة، وأكبر كمية من الإهمال والتخبط والعشوائية.

فقط فى مصر، نشتكى من كثرة العاملين فى الدولة، ونشتكى من إرهاق الميزانية بالمرتبات، وفى ذات الوقت نشتكى من نقص العمالة فى كل شىء، وعدم وجود الشخص الموكل إليه بتنفيذ المهمة، فى الوقت الذى تريد منه تنفيذ المهمة.

إن ذهبت إلى مؤسسة حكومية، تلعن اليوم الذى ذهبت فيه إليها، تشعر وكأن واضعى أسس هذه المؤسسة خططوا ودبروا وتفننوا فى إجبارك على إخراج أسوأ ما فيك، تشعر بأن العالم تآمر عليك، تكره أى «مشوار» يفضى بك إلى السيد الموظف، لشعورك الدائم بأن ذهابك إلى أحد الموظفين أخطر كثيرا على روحك من أن تخطو فوق لغم أرضى.

قبل يومين كتبت مقالا بعنوان «حريق العتبة وحريق الوطن»، وقلت فيه: «فى حالة حريق العتبة لا أتوقع أى مفاجآت، وأنى أستطيع أن أؤكد تأكيدا تاما أن جميع محلات العتبة وغيرها من محلات مصر لا تتبع وسائل التأمين المتبعة فى العالم أجمع»، مؤكدا أن الحكومة والبلديات تفرط فى حق الوطن فى أن يعيش نظيفا وجميلا، وتساءلت: لماذا تأتى الدهشة كلما اندلع حريق، فى حين أننا نوفر له أسبابه ونمنع عنه سبل إطفائه بكل ما أوتينا من همة؟ وما هى إلا ساعات حتى اندلع حريق «الغورية» لتتكرر نفس المأساة، وللأسف يبدو أن محافظة القاهرة قد فهمت هذا الكلام بشكل خاطئ، وحينما أرادت علاج المشكلة لجأت إلى «العصا الغليظة»، وقررت إزالة الباعة المنتشرين فى تلك المناطق، لتؤجج بهذا التوجه نيران البائعين المحروقين- أصلا- بالنيران التى التهمت بضاعتهم، وهو أسلوب خاطئ سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، فبأى حق نمنع مواطنا من العمل بعد أن تركناه كل هذه السنوات حتى أسس حياته، وفتح بيته وأنفق على أسرته من مصدر رزقه هذا، وبأى عين يهمل موظفو المحليات فى عملهم حتى تحدث الكوارث، كارثة بعد كارثة، فيزيدونها بتلك القرارات العشوائية.

فى تلك الأزمة لا بد من حل فورى وحاسم بشرط واحد هو الحفاظ على السلام الاجتماعى ومصالح أفراد الشعب المصرى، ولقد حلت الحكومة فى السابق أزمة الباعة الجائلين بوسط البلد بطريقة حضارية، قضت على العشوائية، وفى ذات الوقت حافظت على مصادر دخل المواطنين، بأن نقلتهم إلى سوق الترجمان، ومطلوب الآن اتباع نفس السلوك مع أزمة العتبة والغورية، فلا يجوز أن تترك الدولة هؤلاء البائعين كل هذا العمر، ثم تأتى الآن وتعصف بهم، إلا إذا كانت الدولة تريد أن تنصب لأبنائها المصائد والفخاخ.

بحسب تصريح الدكتور أحمد زكى بدر فى إحدى القنوات منذ أشهر قليلة، فإن عدد العاملين فى المحليات يبلغ حوالى 3 ملايين موظف، وهذا الرقم يعد «شعبا» مستقلا بذاته، ومع هذا لا نرى أثرا لعمل كل هؤلاء العاملين، فلا يوجد فى مصر شارع واحد سليم، ولا يوجد مكان واحد غير محفوف بالقمامة، ولا يوجد محل واحد متوافق مع الاشتراطات العملية، فإلى متى سيظل بالدولة هذا الشعب من العاملين، فى حين أنها تفتقد «العمل».





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة