يقولون إن الحرائق الكبيرة تبدأ من مستصغر الشرر، ومصر تحيا أغلب أيامها الآن فى حرائق كبيرة، كلها بدأت من مستصغر الشرر، والمصيبة أن مستصغر الشرر أو ما نعتبره مستصغر الشرر يعد فى دول أخرى حرائق كبرى، ولكننى سأتعامل بمنطق بلدنا وأتحدث عن مستصغر الشرر الذى أوصلنا لحرائق كبرى.
1 - صنع أحمد آدم من خلال تعليقه عن أحداث حلب بشكل ساخر حرائق كبرى فى قلب كل سورى، سواء يعيش فى مصر أو خارجها، كما صنع حرائق فى قلب كثير من المصريين، أحمد آدم وحرائقه ليس إلا نتيجة منطقية وطبيعية لما يحدث منذ فترة ليست بالقصيرة على الشاشات المصرية بمختلف توجهاتها، فالبداية ربما كانت ضيف زالف اللسان قال كلمة هنا أو هناك، ولم يجد مذيعا يقول له آسف أنت متجاوز وغير مرحب بك ولا يسمح بتكرار الأمر، ثم انتقلت آفة قلة الأدب والسخرية من الضيوف للمذيعين ثم صارت وكأنها دين للجميع، شرر صغير تحول لحرائق يومية على شاشات مصر تحرق المشاهدين وحتى غير المشاهدين.
2 - مصر بتتحرق بفعل مؤامرة للإخوان المسلمين وأعداء الوطن.. تفسير مريح لمجموعات ليست بقليلة من الشعب وحتى المسؤولين، وفعلاً مصر بتتحرق لكن ليس بفعل الإخوان، سواء مسلمين أو غير مسلمين، مصر بتتحرق، لأن مستصغر الشرر تراكم حتى صار جبلا من اللهب، وعجبا أن مصر بحق وحقيقى لا تحدث فيها إلا هذه الحرائق فقط، فالشوارع والأسواق العشوائية ومكاتب المصالح الحكومية والوزارات وأسطح المنازل وبدرومات المنازل والمحال والباعة الجائلين فى كل بقعة كما أمام وزارة الزراعة وغيرها من أماكن، كلها مناطق مرشحة بامتياز لأن تحترق، فالأوجب أن نسأل أنفسنا كيف لم تحترق كل هذه الأماكن حتى الآن! ولهؤلاء الذين يتحدثون عن مؤامرة، فهل مصنع فوم مقام أسفل عمارة سكنية محتاج لمجهود جماعة لكى تشعل فيه النار؟!
إن الحريقة الكبرى يا سادة بدأت من مستصغر الشرر، فمجرد بائع واحد فرش بضاعته فى شارع وتُرك فتحول الشارع لسوق، ومجرد ورشة واحدة أو مصنع تم إنشاؤه تحت عمارة سكنية أو فى منطقة سكنية وصمت من بيده الأمر، إما جهلاً أو فساداً، مجرد واحد أى شرر صغير ثم يتحول الأمر إلى حرائق كبرى، والعجب أن من بيننا من يدافع عن الشرر بمنطق معلش غلابة سيبوهم يكلوا عيش، وكأن الدول الأخرى التى تحترم شوارعها وأسواقها وحق مواطنيها فى شوارع وأسواق ومصالح حكومية وغير حكومية آمنة، دول مفترية لا تترك فقراءها يأكلون عيش.. حرائق مصر مجرد نتيجة لمستصغر الشرر.
3 - أزمة كبرى بين وزارة مهمة هى وزارة الداخلية ونقابة أيضاً مهمة هى نقابة الصحفيين، تحولت من خلاف أو اختلاف كان يمكن تداركه دون أن يتحول لحريقة كبرى ومزايدات من كل الأطراف حتى المتصارعين داخل النقابة ذاتها، كل منهم له مأرب صغير وتجمع المآرب يصنع سدودا، والسدود تحترق، ولا أحد يعود لأصل الحكاية وأصل الحريقة.
فلا المتصارعين فى نقابة الصحفيين، ولا البائسين من حرائق الأسواق أو المتعاطفين معهم، ولا الغاضبين من أحمد آدم وحده والمكسورة نفوسهم يتذكرون أن كل هذه الحرائق بدأت من شرر تركناه يسرى حتى وصل لأطراف أصابعنا، ثم ندعى أن هناك مؤامرة من آخرين والحق أن المؤامرة موجودة، ولكن منا وعلينا.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة