يوسف أيوب

متى تنسى السودان قصة «حلايب»؟

السبت، 14 مايو 2016 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
متى تنسى السودان قصة «حلايب»؟.. لن أدخل فى الجدل الداخلى الحالى حول ما قاله الدكتور على عبدالله من نقل تبعية حلايب وشلاتين لمحافظة أسوان، فالقضية ستبقى جدلية بين من يؤيد المقترح ومن سيرفضه، وهذا النوع من النقاش اعتدنا عليه كثيرًا، خاصة حينما نتحدث عن تقسيمات إدارية جديدة، أو نقل تبعية منطقة لمحافظة بخلاف المحافظة الموجودة بها منذ البداية، لكن ما سأتحدث عنه هو النقاش السودانى حول ملكية حلايب وشلاتين، فالخرطوم أعادت الحديث مرة أخرى عن المثلث مدعية سودانيته، وهو حديث قديم تجدده القيادة السودانية كل فترة.

مؤخرًا، وبعد الإعلان المصرى عن ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، وقول مصر إن جزيرتى «تيران» و«صنافير» تعودان إلى السعودية، عادت الخرطوم وفتحت الحديث مرة أخرى، بل المرة المليار عن حلايب وشلاتين، مدعية ملكيتها لهما، وهو ما استدعى ردًا رسميًا من وزارة الخارجية المصرية التى قالت على لسان المستشار أحمد أبوزيد إن الوضع فيما يتعلق بمنطقتى حلايب وشلاتين لا يختلف عن جزيرتى تيران وصنافير.

السودان تقول إن مصر ليس أمامها فى قضية حلايب وشلاتين سوى خيارين، الأول التفاوض حولهما مباشرة مع الخرطوم، أو اللجوء للتحكيم الدولى «حتى لا تكون شوكة فى العلاقات المصرية السودانية» على حد وصف وزير خارجية السودان إبراهيم غندور الذى حاول تلطيف الأجواء مع مصر، بالتأكيد على أن العلاقات بين مصر والسودان أكبر من أن تصبح رهينة لأى قضية مهما كانت أهميتها، وهنا يجب الانتباه لشىء مهم، وهو أن إثارة قضية حلايب وشلاتين لم يتعدَ فكرة التناول الإعلامى أو التصريحات المتبادلة بين البلدين، لكن ليس هناك أى تحرك رسمى، إلا الطلب الذى تقدمت به الخرطوم للأمم المتحدة، وتجدده كل عام بشأن المثلث، كما علينا الإقرار أيضًا بأن هذه القضية كانت حاضرة بقوة فى ذهن المصريين حينما ثاروا على حكم الإخوان، خاصة بعد تسريبات اتهمت الرئيس المعزول محمد مرسى بأنه تعهد للرئيس السودانى عمر البشير بإمكانية تنازل مصر عن ملكيتها لحلايب وشلاتين خلال زيارة مرسى للخرطوم فى إبريل عام 2013.

التناول التاريخى للقضية يؤكد أن حلايب وشلاتين مصريتان، وتمارس عليهما الحكومة المصرية سيادتها الكاملة، من خلال وجود قوات مصرية على الأرض هناك، وأمور أخرى تثبت السيادة المصرية التامة، وتعود هذه السيادة إلى فترة الوجود البريطانى المتزامن فى مصر والسودان، تحديدًا حينما وُقعت اتفاقية السودان بين مصر وبريطانيا فى 19 يناير 1899، ووقعها عن مصر بطرس غالى، وزير الخارجية وقتها، أو كما يطلق عليه «ناظر الخارجية المصرية»، وعن بريطانيا اللورد «كرومر» المعتمد البريطانى لدى مصر، ونصت المادة الأولى من الاتفاقية على أن الحد الفاصل بين مصر والسودان هو خط عرض 22 درجة شمالاً، وهو ما يضع حلايب وشلاتين داخل الحدود المصرية وليس السودانية، ثم جاءت مصر فى 1907 وقررت عبر وزير خارجيتها منح السودان «حق إدارة» المثلث، واستمر هذا الوضع إلى أن أخلت السودان بهذا الاتفاق وسمحت لشركة تعدين هولندية بالدخول إلى حلايب وشلاتين، والتنقيب فيهما من دون إذن مصر، فتدخلت القوات المسلحة المصرية فى 1992 وطردت السودان والشركة، وأعادت فرض سيادتها على المنطقة.

إذن نحن أمام وضع واضح للجميع، فالمنطقة مصرية، والحكومة المصرية قررت فى فترة زمنية معينة منح السودان حق الإدارة على هذه المنطقة، ومعنى ذلك أن السيادة والملكية لمصر، لأن حق الإدارة لا يمنح السيادة للسودان على هذه المنطقة التى حاولت بشتى الطرق تثبيت سيادتها بطرق مختلفة، منها ما فعلته فى 1958، حينما أصدرت قانونًا للانتخابات اعتبرت فيه حلايب وشلاتين دائرة انتخابية سودانية، وهو ما ردت عليه مصر وقتها بمذكرة رسمية للحكومة السودانية للاعتراض على هذا التصرف الذى يتناقض مع الاتفاق المبرم بين البلدين، وقالت المذكرة المصرية إن القانون خالف اتفاقية عام 1899 بشأن الحدود المشتركة، إذ أدخل المنطقة الواقعة شمال مدينة وادى حلفا، والمنطقة المحيطة بحلايب وشلاتين على سواحل البحر الأحمر ضمن الدوائر الانتخابية السودانية، وطالبت مصر حينها بحقها فى هذه المناطق التى يقوم السودان بإدارتها شمال خط عرض 22.

أمام هذا الوضع التاريخى فليس أمام السودان سوى طريق واحد فقط، هو الاعتراف بالتاريخ، والكف عن الحديث عن هذه القضية، والنظر إلى ما يفيد البلدين والشعبين، والابتعاد عن القضايا الخلافية التى لا تهدف سوى إثارة المشاكل التى نأمل ألا يكون لها مكان.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة