أزمة اقتصادية طاحنة فى اليمن بسبب ارتفاع أسعار العملات الأجنبية

الثلاثاء، 17 مايو 2016 03:57 م
أزمة اقتصادية طاحنة فى اليمن بسبب ارتفاع أسعار العملات الأجنبية عملات أجنبية - أرشيفية
(أ ش أ)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فجأة وبدون سابق إنذار عادت الأزمة الاقتصادية الطاحنة لتضرب من جديد العاصمة اليمنية صنعاء والمحافظات الخاضعة لسيطرة جماعة أنصار الله الحوثيين بعد فترة من الاستقرار استطاع خلالها المواطنون التكيف مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية الرئيسية والمشتقات البترولية.

لكن الأوضاع حاليا أصبحت قاسية للغاية خاصة بعد وصول سعر الدولار إلى نحو 235 ريال يمنى بزيادة 110 ريالات عن سعره الذى كان عليه قبل أن تستولى الجماعة على صنعاء وتسيطر على المؤسسات اليمنية ومن بينها البنك المركزى على الرغم من الاتفاق مع الحكومة اليمنية على تحييده بعد أزمة ارتفاع سعر العملات الأجنبية منذ عدة أشهر ورفض محافظ البنك المركزى التدخل فى سياسة البنك.

وتشير أنباء إلى أن محمد عوض بن همام محافظ البنك المركزى رفض الاستمرار فى عمله واعتكف فى منزله بصنعاء وهى المرة الثانية التى يرفض فيها الاستمرار فى عمله بسبب تدخل الجماعة فى سياسة البنك وإصرارها على تعويم العملة اليمنية وفى المرة الأولى ذهب ابن همام إلى مسقط رأسه فى حضرموت وعاد بعد تدخل الرئيس اليمنى الذى طالبه بالعودة للسيطرة على سعر الدولار وتعهد الجماعة برفع يديها عن استقلالية البنك وهو الامر المؤكد أنه لم يحدث.

وكالعادة لم تجد الجماعة وسيلة لمواجهة الأزمة سوى إلقاء القبض على أصحاب شركات الصرافة فى العاصمة وهى المرة الثالثة إلى يحدث فيها ذلك فى خلال أشهر قليلة فى محاولة منها للسيطرة على سعر الدولار الذى قفز بصورة مخيفة على الرغم من قيام البنك المركزى بخفض سعره فى الرسمى، ولكن قيام الجماعة بالسحب من البنك المركزى للإنفاق على المجهود الحربى وصرف مرتبات الموظفين المدنيين والعسكريين على السواء والذين زاد عددهم بسبب التعيينات الكثيرة لعناصرهم ومواليهم أربكت الجهاز الإدارى وأصبح الموظف يتسلم راتبه بعد تأخير لحين تدبير الأموال.

وخلال الأيام القليلة الماضية شهدت أسعار السلع الغذائية الرئيسية مثل القمح والسكر والزيت وغيرها ارتفاعا بنسب تراوحت بين 40 و50% بعد ارتفاعها أصلا منذ دخول الجماعة إلى صنعاء كما ازدادت الأوضاع سوءا بعد الارتفاع المفاجئ لأسعار المشتقات النفطية أمس والتى صعدت بصورة غريبة إلى حوالى عشرة آلاف ريال لكل عشرين لترا من البنزين والتى كانت قد وصلت إلى 4000 آلاف فى السوق السوداء وكانت تباع علنا فى جميع شوارع العاصمة وغضت السلطات الأمنية النظر عنها بل أن محطات الوقود الرسمية كانت تبيع البنزين والسولار بهذه الأسعار ومساء أمس اختفت المشتقات من السوق نهائيا ولم تعد المحطات تبيع بأى سعر.

وصدرت تحذيرات كثيرة سواء من مواطنين أو وسائل إعلامية من أن الوضع الاقتصادى يتدهور بصورة متسارعة والبلد على أبواب شهر رمضان وأن الدولار وباقى العملات الأجنبية مرشحة للارتفاع مما سيؤدى إلى استمرار ارتفاع المواد الغذائية وعدم قدرة التجار على استيرادها بالإضافة إلى قيام تجار كبار بتخزين السلع استعدادا لرمضان لبيعها بسعر أعلى وقيام المواطنين القادرين بشراء السلع وهى أمور قد تؤدى إلى حدوث ثورة إذ لن يستطيع المواطنون الحصول على احتياجاتهم فى بلد تقول المنظمات الدولية أن 80% منهم أصبحوا تحت خط الفقر وأن أكثر من نصف عدد السكان وعددهم حوالى 26 مليون يحتاجون إلى المساعدات.

وأمام ارتفاع أسعار العملات وانخفاض التحويلات من المواطنين فى الخارج لم يتبق أى مصدر للعملات الأجنبية فى اليمن إلا تحويلات المواطنين اليمنيين فى دول الخليج وخاصة السعودية وكثر التعامل بالريال السعودى فى الأيام السابقة ورفضت شركات الصرافة وتجار السوق السوداء بيع الدولار املا فى استمرار ارتفاع سعره.

ونشرت وسائل إعلام يمنية تقريرا للبنك المركزى اليمنى كشف فيه أن سبب انخفاض الحوالات الواردة بالدولار إلى اليمن من أمريكا ودول الاتحاد الأوروبى جاء بعد إدراج اليمن فى القائمة السوداء من قبل مجموعة العمل المالية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا بسبب مخالفة البنك المركزى لقانون غسيل الأموال عقب المهلة التى منحتها له المجموعة المختصة بوضع معايير لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وتبنى هذه المعايير مهددة بوضع اليمن ضمن القائمة السوداء وذلك عقب تفاقم ظاهرة غسيل الأموال فى اليمن والتى صارت واحدة من أكثر الدول ضعفا فى مكافحة غسيل الأموال.

وأوضح أن الحوالات الخارجية بالدولار تراجعت إلى أدنى مستوياتها بعد هذه العقوبات بصورة لم يشهدها البنك المركزى منذ تأسيسه وعقب سيطرة الحوثيين على مؤسسات الدولة والذى أدى إلى انهيار منظومة البنك المركزى المالية وعجزه عن التدخل للحفاظ على استقرار الأسعار وتنفيذ السياسة النقدية بما فى ذلك سياسات أسعار الصرف.

وأشار إلى أن محافظ البنك المركزى كان قد أجرى اتصالات مكثفة بالمؤسسات المالية الدولية من أجل تجنيب البنوك العاملة فى اليمن كارثة الانهيار عقب إدراج البنك المركزى ضمن القائمة السوداء كما قام بتشكيل غرفة عمليات مهمتها إزالة المعوقات ومراقبة الحوالات الخارجية بالدولار وكل ما يتعلق بعملية بيع وشراء العملات الأجنبية إلا أن ذلك جاء متأخرا.

وانتقدت وكالة "خبر" للأنباء التابعة لحزب المؤتمر الشعبى العام بزعامة الرئيس السابق حليف الحوثيين على عبدالله صالح هذه الأوضاع، وقالت - فى تقرير لها -" أن سلطات الأمر الواقع فى صنعاء لم تخرج عن صمتها وتحدث الناس عن مبررات ما يحدث ولم تخرج التعليقات الصادرة عن دوائر مرتبطة بها على اعتبار أن أسعار الصرف الآن تأتى ضمن الحملة الشرسة للضغط على الشعب اليمنى".

وأشارت إلى أن الكثير من المتابعين للشأن اليمنى كانوا قد وقعوا منذ بداية العام أن يستمر انخفاض سعر صرف العملة المحلية فى الانخفاض مقابل الدولار بالنظر إلى استمرار الظروف الاقتصادية المؤدية إلى ذلك وعدم وجود مؤشرات على اتفاق سياسى يمكن أن يلوح بالأفق فى بلد وصل سوء الوضع الاقتصادى بها إلى درجة أن تقارير المنظمات الإنسانية تحدثت عن حاجة 13 مليون نسمة للغذاء وارتفاع معدلات الفقر إلى نسب لم يسبق لها مثيل فى تاريخ البلد الأشد فقرا فى الشرق الأوسط.

وأضافت أن مشاهد الازدحام أمام بعض المجمعات الاستهلاكية فى صنعاء وغيرها توضح إرهاصات الارتفاع المتسارع لسعر صرف الدولار الذى تعدى سقف 300 ريال رغم امتناع تجار السوق السوداء عن بيع أى كمية ومع كل ارتفاع فى سعر الدولار دأب معظم التجار والباعة على رفع أسعار السلع تلقائيا وبنسب تفوق نسبة تغير سعر الصف ليتحول انخفاض قيمة الريال المتتالى إلى ذريعة جاهزة للتحكم بالمستهلك.

وأوضحت أن معظم المواد الاستهلاكية مستوردة من الخارج ما يعنى أن أسعارها مرتبطة بصرف الدولار دون أن يغير فى الأمر مصدر السلعة أو تاريخ دخولها البلد.

وأكدت الوكالة أن غياب الحد الأدنى من دور وتدخل السلطات التنفيذية المباشرة الدنيا والوسطى وراء الفلتان والفوضى العارمة فى الأسواق والقطاع الاقتصادى عامة.

ونقلت الوكالة عن الدكتور محمد الزوبة الخبير الاقتصادى ورئيس الجمعية اليمنية لحماية الثروات الطبيعية أن من الأسباب التى أدت إلى انهيار الإمكانات الاقتصادية لليمن ضعف الناتج المحلى والتضخم فى العملة والنفقات على الحرب مما دفع السلطات الحاكمة فى صنعاء إلى طباعة المزيد من الأوراق النقدية لتغطية العجز فى النفقات خصوصا ما يتعلق منها بالمرتبات والمستحقات المالية فى الجبهات القتالية.

وأوضح أن اليمن تعانى انعدام مصادر دخل كانت تتمتع بها سابقا نتيجة تسويق وبيع النفط الخام فى الأسواق العالمية وهذه النتيجة أدت إلى فقدان نسبة كبيرة جدا تصل إلى 80% من الدخل مما كانت عليه الموازنة العامة للدولة. . كما أن عمليات الفساد تضاعفت فى هذه المرحلة متجاوزة حدود المعقول من قبل السلطة الحاكمة فى صنعاء والتى اتضحت من خلال رفع أسعار المشتقات النفطية على حساب المواطن فأصبحت تتجاوز أربعة أضعاف سعرها العالمى.

وأكد الدكتور الزوبة أن الاحتمال الأكبر هو ارتفاع سعر الدولار إلى حدود غير مسبوقة قد تصل ما بين 350 إلى 400 ريال للدولار الواحد بسبب التضخم القائم نتيجة إقدام سلطات صنعاء على طباعة كميات من العملات الورقية دون غطاء نقدى من العملة الصعبة. . وقال أن المستقبل القريب يبدو صعبا بالنسبة للوضع الاقتصادى فى اليمن.

كما نقلت الوكالة عن مصدر اقتصادى آخر رفضت ذكر اسمه قوله أن الارتفاع الصاعق فى سعر صرف الدولار مقابل الريال وما تبعه من زيادات سعرية فى المواد الغذائية والوقود دلالة أن هناك حربا اقتصادية بهدف النيل من صمود الشعب اليمنى. . مؤكدا أن هناك معالجات قائمة للوضع وما تشهده السوق المحلية من ارتفاعات منها إجراءات يتوقع صدورها دون أن يفصح عن طبيعتها وزمنها.

وحاولت شركة النفط اليمنية المصدر الرئيسى لتوزيع المشتقات النفطية التنصل من الحالة التى يشهدها السوق من انعدام المشتقات وارتفاع أسعارها ونفت فى بيان لها إصدارها أى تعميمات بشأن المشتقات النفطية وأنها ليس لها أى علاقة بالكميات التى تباع من قبل تجار فى السوق السوداء أو محطات الوكلاء.

وأكدت الشركة فى بيانها أن ما يحصل اليوم هو مجرد اتفاق بين تجار السوق السوداء لرفع سعر المشتقات على المواطنين وتحميلهم أعباء إضافية تستنزف قوتهم وقوت أبنائهم دون أى مراعاة إنسانية لما تحمله ولا يزال المواطن تحمله طوال الفترة السابقة حتى اليوم وخاصة مع قرب شهر رمضان.

وأشار البيان إلى أن المنفذ الذى يستقدم منه التجار ووكلاء المحطات المشتقات النفطية حاليا هو منفذ المكلا بمحافظة حضرموت وبعض موانئ المحافظات الجنوبية فى محاولة للتنصل من المسئولية. . وتناست إنها غضت النظر طوال عام على بيع المشتقات النفطية فى السوق السوداء والمحطات التى تشرف عليها حتى أن المواطنين اتهموها بالاتجار بالمواد النفطية بالاتفاق مع السلطات الحاكمة فى صنعاء

وأشارت الشركة فى البيان إلى أن السعر الرسمى لايزال كما هو ولم يتغير وعند توافر كميات من البنزين خلال الأيام القادمة سيتم إعلان ذلك.

وأوضحت أن المشكلة التى تواجهها حاليا فى توفير المشتقات تتمثل برفض البنك المركزى توفير عملة صعبة قيمة الشحنات التى تم شراؤها فى السابق وبعضها موجود بغاطس ميناء الحديدة أو شراء كميات جديدة بعد أن طلبت من البنك تغطية احتياجها من الدولار من السوق السوداء وهذا يستحيل فى ظل سعره المهول وعدم قدرة البنك السيطرة عليه.

وقالت إن الشركة لو قامت بالشراء من السوق السوداء لساهمت فى رفع سعر الصرف أكثر مما هو عليه.

وهكذا فان الأوضاع تبدو قاتمة فى اليمن، والشعب اليمنى على بعد أيام قليلة من شهر رمضان ولا تبدو فى الأفق أى بارقة أمل فى أن تتحسن هذه الأوضاع خاصة فى ظل عدم حدوث أى تقدم فى المشاورات التى تجرى فى الكويت بين وفد الحكومة اليمنية ووفد الحوثيين وصالح برعاية المبعوث الأمم لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد والذى حذر أكثر من مرة من خطورة استمرار الأوضاع الحالية على الشعب اليمنى الذى تحمل كثيرا.

وكان عبد الملك المحلافى نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية اليمنى ورئيس وفد الحكومة للمشاورات قد حذر أمس من استمرار سيطرة ميليشيات الحوثيين على المؤسسات الاقتصادية فى اليمن ومن بينها البنك المركزى. وقال إن ميليشيات الحوثيين أهدرت الاحتياطى النقدى لدى البنك والذى كان يتجاوز 4 مليارات دولار وأصبح الآن 100 مليون دولار بالإضافة إلى مليار دولار هى الوديعة السعودية التى أعطتها لليمن لدعم العملة الوطنية.

وقال المخلافى "إن إهدار الموارد والاحتياطى النقدى من قبل الانقلابيين يهدد اليمن بكارثة ما لم ينتهى الانقلاب، فالعملة الوطنية تواصل انهيارها والوضع الاقتصادى كارثى بسبب الانقلاب والحكومة تسعى لإنقاذ الوضع لكن جماعة الحوثى - صالح ليسوا مهتمين بكل ذلك وضيعوا الاقتصاد فى عام ويشترطون ويحاولون الحصول على مكافأة بتشكيل حكومة ثمنا لما تسببوه من دمار فى البلاد بما فيه الدمار الاقتصادى".


موضوعات متعلقة:


السلطات فى جنوب اليمن تحظر بيع القات وتمنع سيارات تحمله من دخول عدن








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة