لماذا نصبح على إسراء بدولار ونتجاهل مصر؟.. قبل عدة أشهر، أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى مبادرة «صبح على مصر بجنيه»، وتفاعل معها الكثيرون، لكن فى المقابل هاجمها آخرون، وقالوا فيها الكثير، وشنوا ضدها حملة شرسة على مواقع التواصل الاجتماعى، بل اعتبروها دليلا على ضعف الدولة، دون النظر إلى ما تحمله من معانٍ إيجابية تنبع من المشاركة المجتمعية فى إعادة بناء اقتصاد الدولة، الذى عانى الكثير خلال السنوات الخمس الماضية.
ومنذ أسبوع، نشرت «الناشطة» إسراء الطويل فيديو على تطبيق «indiegogo»، طالبت خلاله داعميها بالتبرع لها حتى تستطيع شراء كاميرا ومعدات تصوير جديدة بعد التى حرزتها النيابة عند القبض عليها، كما كتبت إسراء فى تدوينة، عبر صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، مخاطبة أصحابها وكل الداعمين لها: «أنا عايزة معدات جديدة عشان أرجع أصوّر واشتغل من جديد، هصور فوتوسيشنز، وهعمل استوديو صغير فى البيت»، وأرفقت «لينك» عبر تطبيق «indiegogo» للتبرع لها من خلاله، ووصل التبرع عليه إلى 8.065 دولار حتى الآن، وأشارت إلى إمكانية التبرع لها عبر «فيس بوك» أو البريد الإلكترونى الخاص بها، مدشنة هاشتاج «كاميرا لإسراء».
ما بين «صبح على مصر بجنيه»، و«صبح على إسراء بدولار» خيط رفيع يفصل ما بين الجد والهزل، فدون الدخول فى تفاصيل وصف كما قامت به إسراء، وهل هو وسيلة جديدة للاسترزاق، على حد قول عدد من نواب البرلمان والسياسيين، فإن الفارق بين الاثنين يكشف الازدواجية التى سيطرت على عقول النخبة المسيطرة على وسائل التواصل الاجتماعى، التى خرجت تنتقد مبادرة الرئيس السيسى لزيادة موارد صندوق «تحيا مصر»، رغم يقينهم بأن أموال هذا الصندوق تستخدم فى مصادر إنفاق معلومة للجميع، وتخضع لرقابة من أجهزة متعددة، وأنها لا تدخل فى جيوب أحد، لكنها تساعد فى تنفيذ عدد من مشروعات البنية الأساسية فى بعض المدن والقرى، وخدمات صحية أخرى، بعيداً عن الموازنة العامة للدولة.. انتقدوا مبادرة الرئيس، لكنهم سكتوا على مبادرة إسراء التى لا يعلم أحد مصيرها، ولا هدفها الحقيقى، وهل من المقبول إطلاق مبادرات شخصية تقوم على طلب الدعم المادى لشخص بعينه لا يعانى من أية معوقات صحية تحتاج لمن يساعده فى عملية الإنفاق.
«صبح على إسراء بدولار» أكدت الازدواجية المسيطرة على فئة النخبة والنشطاء، وسياسة الكيل بمكيالين، فهم انتقدوا المبادرة الأولى، رغم أنها مبادرة دولة، لكنهم تحمسوا للثانية أو سكتوا عنها ولم ينتقدوها، رغم كونها مبادرة شخصية.
فئة النخبة والنشطاء الفيسبوكيين حينما أنتقدوا «صبح على مصر بجنيه» لم يكن يهمهم وضع الاقتصاد المصرى، ولا المشاركة فى دعم بعض الأنشطة الاجتماعية التى يتبناها صندوق «تحيا مصر»، وكان كل همهم إحراج النظام، بل وإظهاره فى صورة النظام الضعيف، ليس أمام الرأى العام الداخلى فقط، وإنما أمام العالم أيضاً، وتناسى هؤلاء أن مصر لم تبتدع أسلوبا جديدا للمشاركة المجتمعية فى بناء اقتصاد البلد، لكن فئة النشطاء لا يرضيهم ذلك، عاندوا المبادرة لأنهم فقدوا القدرة على التمييز بين الحفاظ على الدولة واستقرارها واستقرار مؤسساتها، وبين المعارضة «القاتلة» التى تبحث عن الهدم قبل البناء، عاندوا المبادرة ومعها مبادرات أخرى كثيرة، لأنهم لا يدركون معنى المعارضة الإيجابية التى تبنى ولا تهدم.
أنا هنا لا أنتقد مبادرة إسراء، فهى حرة ومن يتبرع لها حر أيضاً فى ماله ينفقه أينما شاء، ما دام ذلك يتم فى إطار يمكن مراقبته قانونياً، لكن الأساس عندى هو الازدواجية التى تحكمت فى تصرفات الكثيريين، ممن لا يرون الحياة إلا فى انتقاد النظام، أيا كان تصرفه إيجابياً أم سلبيا، وتعظيم أى شىء يخالف توجه نظام الحكم، حتى وإن كان هذا التصرف مخالفا للقيم والقوانين، إنها الازدواجية أو سياسة الكيل بمكيالين النابعة من أخطاء قاتلة يعانى منها المجتمع المصرى، التى تقف على رأسها غياب ثقافة الحوار، وسيادة مبدأ التخوين.
أعتقد أن الصورة الآن أصبحت واضحة، فالقصة لا تتعلق بانتقاد أو معارضة نظام، بقدر ارتباطها برغبات شخصية لدى البعض ممن لا يريدون الحياة لأحد سواهم، هؤلاء هم حزب «لا» الذى لا يرى غير نفسه، فيستخدمون التدليس لتغليب صورة معينة يريدونها السائدة عن مصر، ويحاولون استخدام كل ما لديهم من قدرات فى الكذب والنفاق لكى يضحكوا على الشعب، وهناك أمثلة كثيرة لهؤلاء ممن فضحتهم مبادرة «صبح على إسراء بدولار».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة