أكرم القصاص

غياب السياسة والخيار صفر

الأربعاء، 18 مايو 2016 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الإنكار المتبادل والحوار الغائب



النتيجة أن من يلومون السلطة على غياب السياسة، هم أنفسهم يفتقدون السياسة، والنتيجة فى كل أزمة الوصول للصدام من دون المرور بالحالات الطبيعية من التفاوض والحوار، وإنكار كل طرف حق الطرف الآخر فى التعبير عن رأيه أو موقفه، ومع كل الكلام عن الديمقراطية، ليس هناك مجال لحوار يمكن لكل طرف أن يسهم فيه، مع الأخذ فى الاعتبار أن حرية الرأى هى فى الأساس حرية من نختلف معهم، أو البقاء فى حالة استقطاب حادة ينكر فيها كل طرف وجود الطرف الآخر.

غياب السياسة أصبح «مضغة» يطلقها محللون محترمون، يتحدثون ويشيرون ويضربون أمثلة فى كيفية إدارة الأزمات السياسية أيام عبدالناصر والسادات ومبارك، ويبدون نوعًا من الحسرة على غياب رجال الدولة، ومن حيث لا يشعرون يطالبون بالسياسة، من حيث هى تفاوض وجدل وحوار وقدرة على الوصول إلى حلول وسط، بينما يتبنون أكثر الآراء تطرفًا، والنتيجة سلطة ترى أنها تتحرك نحو إنجازات اقتصادية واجتماعية، وتؤجل ملف الحريات بعض الوقت. وفى المقابل معارضة تتجاهل أى إنجاز اقتصادى أو سياسى أو حل أزمات، وتبقى عند حيز الملف الحقوقى.. يتوجهون إلى السلطة كطرف يمسك كل الأوراق، ويتجاهلون أن الأطراف الأخرى تدفع دائمًا إلى صراع «صفرى» يستعجل الصدام، وهى طريقة تفقد تأثيرها مع الوقت، والمفارقة أن قطاعًا واسعًا يحمل وجهات نظر متعددة ومتسعة، لكنهم غالبًا تحت ضغط القيادة المتطرفة يسيرون نحو الصدام، ثم يسألون عن السياسة.

صدامات «نحن أو أنتم» تختصر الخلاف فى مساحة ضيقة، وهتافات يسقط ويعيش، ينتصر للاستقطاب ويقود لصدام محتوم، حدث هذا فى مظاهرات الصحفيين، ويتم الدفع إلى «تأزيم» لا يصب لصالح أى طرف، وتضطر الأغلبية التى تميل إلى السياسة للسير خلف صناع الصدام، وتختفى القضية الأساسية خلف الصدامات الفرعية، ثم يخرج من يسأل أين السياسة، وهم من يسيرون فى موجات الصدام ويغذونها من دون أفق واضح.

ثم إن من يتساءلون عن السياسة وينتقدون غيابها يفتقدون هم وأحزابهم وزعماؤهم السياسة، ويبقون فى مرحلة رد فعل، والأهم أنهم عاجزون عن الوصول إلى قطاعات واسعة من الطبقة الوسطى والجمهور، يمثلون تيارًا واسعًا له رؤى متعددة ومعقدة لا تقف عند تأييد تام أو صدام، وكلما عجز هؤلاء عن فهمهم يلومونهم ويوجهون لهم الانتقادات، بل الشتائم، بينما هم عاجزون عن تفهم كتلة مهمة تمثل آراؤها نطاقات الديمقراطية.. الأمر يتعلق بغياب السياسة وليس موتها، مع غياب للقدرة على إقامة حوار بين أطراف العمل السياسى.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة