يوسف أيوب

هل تحترق سوريا؟

الإثنين، 02 مايو 2016 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل تحترق سوريا؟.. العالم كله الآن مشغول بما يحدث فى مدينة حلب السورية، ومواقع التواصل الاجتماعى مليئة بالصور التى تجسد المأساة هناك، والجميع يرفع شعار «حلب تحترق»، كتمهيد لشىء ما يبدو أنه يتم الترتيب له فى الخفاء، وأقصد به إمكانية توجيه ضربة عسكرية ضد النظام السورى.

الواقع يؤكد أن حلب ليست الوحيدة التى تحترق، وإنما سوريا كلها تحترق، والسبب فى ذلك أنها تحولت إلى مسرح لعمليات دولية قذرة، وتبادل للاتهامات وإظهار للقوة بين القوى الدولية الكبرى، ممثلة فى الولايات المتحدة وروسيا، وتبارى فى المصالح بين قوى إقليمية تحاول كل منها أن تفرض سيطرتها وأجندتها على الواقع السورى، والحديث هنا ينسحب إلى تركيا وإيران ودول عربية تنظر للوضع فى سوريا على أنه معركة خاصة بها.

سوريا تحترق أيضًا لأنها مليئة للأسف الشديد بالمعارضة العميلة لمصالح دولية ولا علاقة لها بالصالح السورى، فالمعارضة السورية مقسمة بين معارضة تركيا والسعودية وقطر والولايات المتحدة ومعارضة النظام، ومسميات كثيرة لا تنتهى بطبيعة الحال إلى سوريا، لكنها تصل إلى نقطة بعيدة تمامًا عن المصالح السورية، وتقترب من مصالح الدول التى تمولها وترعاها.

سوريا تحترق أيضًا، لأن نظام الحكم هناك تحت رئاسة بشار الأسد فقد المنطق والتفكير، ولم يعد يمتلك الحلول التى تسمح له بالخروج من الأزمة السورية بحل سياسى يرضى الجميع، فهو يتحرك وفقًا لمصالحه الخاصة دون وضع مصالح الآخرين فى الاعتبار.

سوريا تحترق لأن هناك حربا قوية وشرسة وبعيدة تمامًا عن الأخلاق تنفذ ضدها، فالكل يريد تدمير سوريا ومحوها من على الخريطة.. يتحدثون عن الحلول لكن بأيديهم يضعون العراقيل، ويلعبون على المتناقضات داخل المجتمع السورى.. يقولون إنهم يحاربون الإرهاب لكنهم فى الخفاء يمولون «داعش» و«جبهة النصرة» وكل التنظيمات التى تدمر سوريا وتراثها وآثارها، وتقتل السوريين على الهوية.

كيف تخرج سوريا من أزمتها؟.. الخروج من الأزمة لن يكون إلا سوريًا، ويجب أن يعتمد على الشعب السورى، وبالتأكيد الحل ليس فى تدمير سوريا ولا جيشها، فكفانا ما حدث فى ليبيا واليمن والعراق، هل نريد أن نرى جيشًا عربيًا آخر يتمزق دون أن نتحرك.

الحل ليس فى ضرب سوريا كما يتم الإعداد له الآن باستخدام ما يحدث فى حلب، فما أراه الآن هو ترويج لتوجيه ضربة لسوريا تحاول أن تعيد الأوضاع مرة أخرى إلى سيطرة الميليشيات العسكرية التى تأتمر بأوامر خارجية، وتنفذ أجندات إقليمية لا علاقة لها بسوريا مطلقًا، فالجميع يريد سوريا وفقًا لما يريده هو، تركيا تريد السيطرة على المنطقة الحدودية حتى لا تسمح للأكراد بالتجمع مستقبلًا، وتكوين دولة تهدد الدولة التركية، وإسرائيل تبحث عن شرعية تبقيها فى الجولان المحتلة، وإيران تنظر إلى حلفائها فى المنطقة وتعتبر سوريا الورقة الرابحة التى إن خسرتها سقطت أذرعها، والولايات المتحدة وروسيا يواصلان سياسة الحرب الباردة بينهما بعدما فشلت فى أوكرانيا، وما بين هؤلاء دول أخرى تحركها أغراض انتقامية من شخص الأسد ونظامه.

الوضع فى سوريا متشابك ومعقد جدًا، وتتحكم فيه حاليًا عواصم غربية وإقليمية تريد أن يكون لها اليد الطولى فى سوريا، وللأسف الشديد يحدث ذلك وسط غياب تام من المؤسسة العربية الوحيدة التى من المفترض أن يكون لها دور فاعل فى حل الأزمة السورية، وهى جامعة الدول العربية، كما أن منظمة الأمم المتحدة لازالت مختطفة من جانب الأقوياء.

فى النهاية فإن الحل من وجهة نظرى بأن يتنحى الجميع، المعارضة العميلة والنظام أيضًا، وأن يكون الاختيار فى النهاية للشعب السورى، لتبقى سوريا وجيشها.. ولتبقى سوريا القوية العربية.. ويبقى الاختيار للسوريين.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة